وجهة نهر الفرات: أين ينتهي مجراه؟

مصب نهر الفرات

يُعتبر نهر الفرات من الأنهار الرئيسية في منطقة جنوب آسيا، حيث يعبر عدة دول. ينبع النهر من جبال طوروس في تركيا، حيث يبدأ مسيرته من التقاء نهرين هما نهر مراد صو، الذي ينبع من جبال أرمينيا، ونهر قرة صو، الذي ينشأ من هضبة الأناضول. بعد اجتماع هذين النهرين في مجرى واحد، يتجه النهر غربًا، مخترقًا سلسلة جبال طوروس، وداخل الأراضي السورية، مُشكلاً نهر الفرات.

تدفق النهر

عند دخول نهر الفرات إلى الأراضي السورية، يُغذى بعدة أنهار مثل نهر الخابور ونهر مليخ. يصل النهر إلى منطقة الرقة ثم إلى دير الزور، ليخرج أخيرًا من مدينة البوكمال الواقعة على الحدود العراقية. هنا، تبدأ مسيرته في بلاد الرافدين، حيث يمر عبر أراضي الأنبار ومن ثم مناطق بابل وكربلاء والنجف والديوانية. في هذه السهول، تنخفض سرعة جريان النهر، مما يؤدي إلى اتساع مجراه وتشكيل الأهوار التي تُعتبر من المناطق المستنقعية. كما يلتقي نهر الفرات مع نهر دجلة ليكونا معًا والشط العرب الممتد على مسافة 120 كم حتى يصبا في الخليج العربي. يُقطِع نهر الفرات من منبعه إلى مصبه مسافة تقارب 2940 كم، منها 1176 كم في تركيا و610 كم في سوريا و1160 كم في العراق.

الأهمية الاقتصادية لنهر الفرات

لقد لعبت التربة الخصبة على ضفاف نهر الفرات دورًا كبيرًا في تطور الحضارة البشرية، إذ يُعتبر هذا النهر مكانًا مبكرًا لممارسة الزراعة. فقد توفرت الظروف الطبيعية المثلى مثل التربة الخصبة التي رسّبها النهر بجانبيه واعتدال المناخ. يعتبر نهر الفرات أيضًا مصدرًا قديمًا لصيد الأسماك للبلدان المحيطة، ولا يزال يستمر في أداء هذا الدور.

تم إنشاء العديد من السدود للاستفادة من المياه وتحسين الزراعة وتوليد الطاقة الكهربائية. ففي تركيا، تم بناء 22 سداً و19 محطة كهربائية، ومن بين هذه السدود، يُعتبر سد أتاتورك الأكبر، الذي يُعتبر رمزًا لمؤسس تركيا الحديثة. كما تم بناء خمسة سدود على مجرى النهر في سوريا لتحقيق الأهداف ذاتها.

تتشارك ثلاث دول في استثمار مياه نهر الفرات، إلا أنه لا توجد اتفاقيات جماعية لتوزيع الحصص المائية، مما يُشكل نقطة خلاف بين هذه الدول، حيث تتنافس على بناء السدود وتحويل جزء من مياه النهر إلى أراضيها.

الجزر النهرية

يسعى كل نهر إلى تعميق مجراه، خاصةً عندما تكون له طاقة جارية كبيرة، إلا أن التركيب الجيولوجي يختلف من منطقة لأخرى، مما يؤدي إلى ظهور خوانق وجزر صغيرة مائية تُسمى “الحوائج”. وتنتشر الحوائج على طول مجرى نهر الفرات، مُشكلةً تغطية نباتية كثيفة يصعب الوصول إليها، مما يجعل هذه المناطق موطنًا مثاليًا لتنوع الحياة البرية من حيوانات وطيور، كأنها محمية طبيعية تحتضن كافة أشكال التنوع الحيوي.