وُلِد النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول. وقد أشار النبي نفسه إلى هذا اليوم عندما سُئل عن صيامه، حيث قال: (ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ). ويذكر قيس بن مخرمة -رضي الله عنه- أنه وُلِدَ في عام الفيل نفسه الذي وُلِدَ فيه النبي، وذلك في ساعات الصباح الباكر عند طلوع الفجر. وبالنسبة للتاريخ الميلادي، فقد وُلِدَ النبي في الثاني والعشرين من شهر إبريل لعام 571 ميلادي.
وُلد النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- بمكة المكرمة، في ما يُعرف بشِعْب أبي طالب، الذي يُسمى أيضاً بشِعب بني هاشم، وذلك نظرًا لحصار قريش لبني هاشم في تلك المنطقة في بداية الدعوة. ويشار إليه أحيانًا بشِعب أبي يوسف، وكذلك يُطلق عليه حاليًا شِعب علي. وهو واحد من المواقع التي سكنها بنو هاشم قبل البعثة النبوية، ويقع هذا المكان بين منطقة أبي قُبيس من جهة اليسار وجبال الخنادم من جهة اليمين. يبعد الشِعب مسافة ثلاثمئة متر عن المسجد الحرام، ويحتوي الآن على مكتبة مكة المكرمة.
استبشر الجدّ النبي بمولد حفيده وأدخله الكعبة مشكرًا الله -تعالى- وداعيًا له، وأطلق عليه اسم محمد، وهو اسم لم يكن مألوفًا لدى العرب في ذلك الوقت. كما قام بختانه في اليوم السابع من ولادته. وقد حدثت العديد من المعجزات التي تميزت بأنباء عن قرب مولده -صلى الله عليه وسلم-، منها:
عاش العرب قبل ظهور النبي -عليه الصلاة والسلام- في ظلام الوثنية، حيث عبدوا آلهة متعددة في محاولات لجلب النفع ودفع الضر. كانت هناك أصنام خاصة بكل قبيلة في شبه الجزيرة، بل ووضعت في الكعبة وحولها ثلاثمئة وستين صنمًا، وكان البعض يعبد الأحجار والملائكة والجن والكواكب بسبب قوتها وتأثيرها.
أراد الله -تعالى- بعد هذا الظلام أن يُحيي البشرية ببعثة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-. قبيل ولادته، حدثت بعض الآيات العظيمة التي كانت بمثابة إشارات تدل على قرب حدوث تلك الولادة المباركة. ومن تلك الأحداث، قصة أصحاب الفيل، حيث كان أبرهة، ملك اليمن، قد بنى كنيسةً سمّاها قُلَيْس، ليُحَجّ العرب إليها بدلًا من الكعبة، وأقسم بهدم الكعبة. عندما اقترب أبرهة من مكة، طلب من جنوده مناداة شريف مكة لإبلاغه بنواياه.
دخل عبد المطلب على الملك أبرهة، ولما رآه أبرهة عظمه وأكرمه، لكن عبد المطلب قال إنه يسعى لاسترداد الإبل التي أخذها جنود أبرهة. وقد تفاجأ الملك بعدم مقاومة أبي طالب له، فأجابه أبا طالب: “لهذا البيت ربٌّ سيمنعه”، ثم خرج من عنده وطلب من قريش أن يتفرقوا في الشعاب.
عندما أراد أبرهة دخول مكة، توقف الفيل عن التحرك نحو الكعبة، وعندها أرسل الله -تعالى- الطيور الأبابيل، وجاء ذكر هذه الحادثة في القرآن الكريم حيث قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ* تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ). أمّا أبرهة فقد سلّط الله عليه مرضًا خطيرًا استمر ينخر جسمه حتى عاد إلى اليمن حيث توفي، وكانت لقصة أصحاب الفيل تأثيرات كبيرة في نفوس العرب، مما زاد من هيبتهم وحرمة الكعبة في قلوبهم، وبدت القبائل الأخرى تهاب قريشًا بسبب دفاع الله -تعالى- عنهم.
باختصار، وُلِد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، تحديدًا في شِعب أبي طالب، في يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول. وقد سبق ولادته العديد من الأحداث الهامة، منها قصة أصحاب الفيل.
أحدث التعليقات