موقع كهف أصحاب الكهف
تعددت اقوال المؤرخين والباحثين حول موقع كهف أصحاب الكهف المذكور في القرآن الكريم. فقد أثيرت بعض الآراء حول وجوده في سوريا، بينما أشار البعض الآخر إلى تركيا أو اليمن. ومع ذلك، تشير الدراسات الأكثر موثوقية إلى أن كهف أهل الكهف يقع في المملكة الأردنية الهاشمية، تحديداً في العاصمة عمان. ووفقا لعدة دراسات أجراها علماء آثار ومؤرخون، يُعتقد أن الكهف يوجد في قرية تُعرف باسم الرجيب، التي تبعد حوالي سبعة كيلومترات شرق عمان. يُعتقد أن هذه القرية كانت تسمي سابقاً بالرقيم، وهو الاسم الذي تم ذكره في سياق قصة أهل الكهف، كما ورد في قوله تعالى: (أَم حَسِبتَ أَنَّ أَصحابَ الكَهفِ وَالرَّقيمِ كانوا مِن آياتِنا عَجَبًا).
تم اكتشاف الكهف في قرية الرجيب في عام 1963، وقد أشار العلماء إبان تنقيبهم إلى وجود آثار تعود للحقبة التي عاصرها فتية أهل الكهف، بما في ذلك أماكن يُحتمل أن تكون قبورهم وآثار لعظام يُعتقد أنها تعود لكلبهم. هذه الإشارات والآثار دفعت العديد من العلماء والمستكشفين إلى اعتبار هذا الكهف هو نفسه الكهف المذكور في القرآن الكريم.
يوجد كهف أهل الكهف في قرية الرجيب مفتوحاً اليوم أمام الزوار، وهو يعد موقعاً أثرياً يحتوي على مسجد للصلاة. وتهتم الحكومة الأردنية بشكل كبير بالحفاظ على هذا المعلم وترويجه سياحياً، مما يجعله واحداً من أبرز المعالم السياحية الدينية في الأردن. يقصد الكهف زوار من كافة أنحاء العالم، بما في ذلك المسلمين وغير المسلمين، للاستمتاع بتجربته وزيارة المكان.
أصحاب الكهف
أصحاب الكهف هم فتية مؤمنون آمنوا بالله ولم يقبلوا بعبادة آلهة قومهم الضالة. فرّوا بدينهم واتخذوا من كهف بعيد مكاناً للاختباء حمايةً لاعتقاداتهم وأرواحهم. وقد أسبغ الله عليهم النوم لمدة ثلاثمئة وتسع سنوات، وفي نهاية المطاف عندما استيقظوا، قرر قومهم المؤمنون بناء مسجدٍ لهم. وتروي سورة الكهف قصة هؤلاء الفتية وتذكر ثناء الله عليهم بقوله: (إِنَّهُم فِتيَةٌ آمَنوا بِرَبِّهِم وَزِدناهُم هُدًى).
دروس من قصة أهل الكهف
احتوى القرآن الكريم على العديد من القصص، بما في ذلك قصص الأنبياء والرسل، والأمم السابقة، ومواقفهم من دعوة أنبيائهم وما أسفر عن ذلك. والهدف من هذه القصص هو استنباط العبر والمواعظ. يقول الله تعالى: (لَقَد كانَ في قَصَصِهِم عِبرَةٌ لِأُولِي الأَلبابِ ما كانَ حَديثًا يُفتَرى وَلـكِن تَصديقَ الَّذي بَينَ يَدَيهِ وَتَفصيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً لِقَومٍ يُؤمِنونَ).
من أبرز الدروس المستفادة من قصة أصحاب الكهف نحن نذكر:
- تعتبر اللجوء إلى الله -تعالى- خلال الأزمات من أبرز سمات المؤمن، وهو ما فعله أصحاب الكهف كما جاء في قوله: (إِذ أَوَى الفِتيَةُ إِلَى الكَهفِ فَقالوا رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا).
- يمتلك الشباب دوراً مؤثراً في دعوة الناس إلى الله -تعالى- وخدمة الدين.
- يعد انزواء الأفراد في أوقات المحن لحماية الدين أمرًا مشروعاً.
- تشير قدرة الله -تعالى- إلى عظمة كبيرة من خلال نوم الفتية في الكهف لعدة سنوات وإيقاظهم في الوقت المناسب، مع حمايتهم من تأثيرات الشمس وتحريك أجسادهم حتى لا تصيبهم الأذى.