سوق عكاظ يُعد من أبرز الأسواق العربية القديمة التي انطلقت فعالياتها في شبه الجزيرة العربية، حيث كان العرب يتوافدون إليه من كافة المناطق. كان يُعقد عادةً في الأيام العشرين الأولى من شهر ذي القعدة، يليه سوق مجنة في الأيام العشرة الأخيرة من نفس الشهر، بينما كانت الأيام الثمانية الأولى من شهر ذي الحجة مخصصة لأحداث الشهر المقدس. ساهمت قبيلتا عدوان وهوازن بشكل كبير في تاريخ هذا السوق العريق. وقد تم تسمية السوق بهذا الاسم بسبب تلاقي العرب فيه للتفاخر، وهو ما يعرف بالتعاكظ.
تباينت الآراء حول موقع سوق عكاظ، حيث اقترح البعض أنه كان يقع على الطريق المؤدي إلى العاصمة اليمنية الحالية، صنعاء، خلف منطقة قرن المنازل، والتي تُعتبر الميقات المتبع لأهل اليمن عند توجههم لأداء فريضة الحج أو العمرة. في حين يرى آخرون أن السوق كان يُقيم في منطقة تُعرف بالأثيداء، إذ يفصلها عن مدينة مكة المكرمة نحو ثلاث ليالٍ، وعن مدينة الطائف ليلة واحدة. وفي الوقت الراهن، تم تحديد موقع سوق عكاظ بدقة، حيث يقع على الطريق الذي يربط بين الطائف والرياض، وتبعد المسافة عنه حوالي 45 كيلومترًا.
كان سوق عكاظ يمثل حلقة مهمة للتجارة، حيث تُعرض فيه مجموعة متنوعة من السلع، بدءًا من الحيوانات مثل الإبل، وصولاً إلى المأكولات كالتمر والعسل، بالإضافة إلى الملابس المختلفة. ويُذكر أن بعض الآباء كانوا يطرحون بناتهم للزواج في هذا السوق. كما كان الفخر الشعري حاضرًا بقوة بين الشعراء، مما أحيانًا أدى إلى نشوب نزاعات بين الناس بسبب الكلمات التي يُتبادلها المشاركون. وأيضًا، شهد السوق خطباء يُلقون خطبهم، مما إضاف لمسة أدبية وثقافية للمكان.
في نفس الموقع الذي أُقيم فيه سوق عكاظ، وُجد صنم يُعرف باسم جهاراً تابع لقبيلة هوازن، بالإضافة إلى مجموعة من الصخور التي كان يُعتقد أنها تحمل أهمية دينية كبيرة. شهد العصر الحديث عدة محاولات لإحياء هذا السوق، إلا أن هذه الجهود واجهت مقاومة ملحوظة من الزوايا الدينية.
أحدث التعليقات