معنى الإحرام وفوائده في مناسك الحج والعمرة

حكمة ارتداء الإحرام

إن الحكمة من ارتداء الإحرام تعود إلى الله -سبحانه وتعالى-، وما علينا سوى إتباع التعليمات واستحضار النية في حصول الأجر والثواب العظيم، سواء علمنا الأسباب أم لم نعلمها. وقد حاول بعض العلماء استخلاص بعض الحكم المتعلقة بلباس الإحرام، ومن بينها:

  • التذكير بيوم الجمع والحساب في الآخرة

كما يُشعر الحاج والمعتمر بالمساواة مع الآخرين من الناس.

  • تعزيز قيمة التواضع في النفوس

فلا يُفضل الغني على الفقير، ولا الأبيض على الأسود، ولا العربي على الأعجمي إلا بالتقوى.

  • إخضاع النفوس بين يدي الله -تعالى-

وذلك بتطهيرها من الكِبر والغرور، وتربية على المبادئ السامية مثل المحبة والتقارب والمساواة، وتجنب الترف المذموم، وتعزيز الشعور بمعاناة الفقراء والمساكين واليتامى.

  • تجسيد وحدة الإسلام بين الناس

فلا يمكن لأحد أن يتفاخر على الآخر في ملبسه أو شكله، فجميعهم من أصل واحد، وبهذا جاءت الحكمة في ضرورة توحد الناس بلباس واحد، يجمعهم في موقف ديني موحد أمام الله -عز وجل-، إلى جانب غيرها من الحكم العظيمة المرتبطة بمشروعية هذه الفضيلة.

خصائص لباس الإحرام

تُوصف خصائص لباس الإحرام في الحديث الذي يرويه ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّ رجلًا قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لا تَلْبَسُوا القُمُصَ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا البَرَانِسَ، ولَا الخِفَافَ، إلَّا إذا كان أحدهم لا يجِدُ النَّعْلَيْنِ فليلبس خُفَّيْنِ، وليقطعْهُما أسفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، ولَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أو الوَرْسُ).

ومن السنة أيضًا أن يرتدي الحاج والمعتمر الإزار والرداء، كما ورد في حديث ابن عمر -رضي الله عنه-: (أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، ما يجتنِبُ المُحرمُ من الثياب؟ فقال: لا يلبس السراويل ولا القميص ولا البرنس ولا العمامة ولا ثوبًا مسَّه زعفران ولا ورس، وليتحرم أحدكم في إزار ورِداء).

الرداء هو القطعة التي تُدثر في الجزء العلوي من الجسم، وتوضع على الكتفين، بينما الإزار يلتف حول الجسم من الأسفل.

طريقة ارتداء ملابس الإحرام

أما بالنسبة لكيفية ارتداء ملابس الإحرام، فقد سُنَّ أن يضع المحرم الرداء على كتفيه، بحيث تتجه أطرافه نحو صدره، وهو ما كان يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-. في حالة طواف القدوم، يضع المحرم وسط ردائه أسفل إبطه الأيمن، ويُخفي منه الكتف الأيمن، وهذه الطريقة خاصة بطواف القدوم. بعد انتهاء الطواف، يجب عليه تعديل الرداء لتغطية كتفيه.

ثم يُصلّي ركعتين بعد الطواف، ومن يكشف كتفه أو كتفيه باستمرار يكون مخالفًا للسنة التي مارسها النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فالسنة تقضي بأن يستر كتفيه بالرداء أثناء إحرامه، وإن لم يسترهما أثناء جلوسه أو تناوله الطعام أو حديثه مع الآخرين فلا بُأس في ذلك. لكن عند ارتداء الرداء، يجب أن يكون يغطّي كتفيه وأطرافه ساترة لصدره.

الإحرام وحكمة مشروعيته

الإحرام هو فعل دخول العبد في عملٍ يُحرم عليه بموجبه العديد من الأمور التي كانت حلالاً له، ويكون الإحرام عند بلوغ المحرم للحجّ أو العمرة، وبدءه في أداء أحدهما مع متطلباتهما وشروطهما، مثل خلع المخيط والامتناع عن أشياء كانت حلالاً له، ومنها الطيب والنكاح والصيد وغيرها من الأمور.

وقد تبرز حكمة الله -تعالى- في مشروعية الإحرام لبيان التواضع والخضوع من العبد لربّه -عز وجل-، بحيث يظهر احتياجه إليه، ويتحرر من مظاهر الرفاهية والجدال، كما يسهم الإحرام في تحقيق الشعور بمبدأ سامٍ أثناء أداء مناسك الحج والعمرة، حيث يُعتبر مثل تكبيرة الإحرام للصلاة؛ إذ يحرم على المحرم القيام بأمورٍ بعدها كانت مُباحة له قبل دخوله في الإحرام.

وبالمثل، فإن الإحرام من مظاهر تشريف البيت الحرام، حيث يتم احترام المواقيت المعروفة، فلا يُسمح للمسلم بدخول هذه النسك التعبدي إلا بنية معينة وفي وقت محدد وبشكل خاص، وذلك لتكريم وتعظيم لله -تعالى- ولبيته المحرم.