يُعتبر الصيام في شهر رمضان أكثر من مجرد الامتناع عن الطعام والشراب؛ بل يشمل الامتناع عن كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى. تخيل أننا نصوم عن أمور مشروعة، فما بالك بالأفعال المحرمة التي قد نقوم بها خلال هذا الشهر المبارك؟ ورغم أن الشياطين تكون مسلسلة في رمضان، إلا أن النفس تحتاج دومًا إلى تطهيرها وتعزيزها بالقيم والإيمان. من خلال هذا المقال، سنستعرض حكم الزنا عبر الهاتف في رمضان، ونتناول ما إذا كان الكلام الفاحش مع الحبيب يُبطل الصيام.
حكم الزنا بالهاتف في رمضان
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا” [سورة الإسراء، آية 32]. هذه الآية تُظهر أن الزنا وما يؤدي إليه من خطواتٍ يُعتبر أمرًا خطيرًا، وينبغي علينا تجنب ما يُحذرنا منه الله تعالى.
تتمثل الحكمة من الصيام في الابتعاد عن الطعام والشراب والشهوات، بل تهدف إلى تقوى الله والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه. جاء في القرآن الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” [سورة البقرة، آية 183].
على الصائم أن يجعل صيامه خالصًا لوجه الله، وأن يُعزز من تقوى نفسه ويتجنب الشوائب التي تؤثر عليها. من الواجب على من قام بهذا الفعل أن يتوب توبة نصوحة إلى الله تعالى، تقتضي الندم عن الفعل، والكف عنه، والعزم على عدم الرجوع له، والابتعاد عن كل ما يسهّل الوصول إليه.
يُنتظر أن يقبل الله توبته ويغفر له. بالنسبة لتأثير الزنا على الصيام، يُفسد نزول المني الصيام، ويجب على الشخص صيام ذلك اليوم بعد انتهاء رمضان، ولا يوجد كفارة لهذا الأمر، إذ إن الكفارة تجب فقط في حالات الجماع. أما إذا لم ينزل المني، فلا يُفسد الصيام، ويتعين على الفرد التوبة عن هذه المعصية، مع العلم أن صيامه يبقى صحيحًا دون الحاجة لقضائه، لكنه لا يرتبط بالصوم الذي أمرنا الله به.
هل الكلام الفاحش مع الحبيب يُبطل الصيام؟
يُعتبر الخاطب أجنبيًا عن خطيبته حتى يتم عقد القران، وهناك أحكام عدة تُحدد العلاقة بينهما. يحظر النظر إليها أو لمسها، ولا يُسمح بالتحدث إلا عند الحاجة، ويجب أن يكون الحديث داخل حدود الأدب دون الخضوع في القول أو استخدام لغة فاحشة بين الرجل والمرأة.
كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يُصدِّق ذلك كله ويُكَذِّبه” [رواه أبو هريرة، المحدث: البخاري].
بناءً على ما ذُكر في الحديث الشريف، يتضح أن مقدمات الزنا تشمل التمني والكلام المبتذل، والكلام الفاحش مع الحبيب يُبطل الصيام، في حين أن الحديث العابر بدون شهوة لا يُفسد الصوم، وما يُعتبر مُبطلًا للصيام هو خروج المني أو المذي، على الرغم من اختلاف العلماء في ذلك.
مفسدات الصيام
إن الصيام يُعتبر وسيلة لتطهير أرواحنا من المعاصي والذنوب، والتي قد تؤدي إلى إفساد القلوب وتفويت ثواب الصيام. هناك عدة مفسدات للصيام تتضمن:
- الاستمناء، حيث يُعتبر إثارة شهوة متعمدة تُبطل الصوم ويجب القضاء عنه بعد التوبة.
- الجماع ومقدماته.
- الأكل والشرب.
- خروج دم الحيض أو النفاس.
- إنزال المني والاحتلام.
- الحجامة.
- تعمد القيء.
ختامًا، تناولنا في هذا المقال حكم الزنا عبر الهاتف في رمضان، وما إذا كان الكلام الفاحش مع الحبيب يُبطل الصيام، بالإضافة إلى مفسدات الصيام. فلنسعى جميعًا لتقوى الله في كل أفعالنا ولنستقبل ثمار هذا الشهر المبارك بشغف.