يُعتبر حافظ إبراهيم شاعرًا مصريًا بارزًا، وُلِدَ عام 1932 في محافظة أسيوط، حيث يُعرف بأنه من المعاصرين لأحمد شوقي، وقد نُسِب إليه ألقاب عديدة مثل “شاعر النيل” و”شاعر الشعب”. وُلد حافظ إبراهيم على متن سفينة راسية في نهر النيل، أمام قرية ديروط بمساعدة أب مصري وأم تركية. كان له العديد من القصائد الشهيرة، وسوف أستعرض بعضًا منها في هذه السطور.
رَجَعْتُ لِنَفْسِي فَإتَّهَمْتُ حَصَاتِي
وَنَادَيْتُ قَوْمِي فَاحْتَسَبْتُ حَيَاتِي
رَمُونِي بِعُقْمٍ فِي الشَّبَابِ وَلَيْتَنِي
عَقِمْتُ فَلَمْ أَجْزَعْ لِقَوْلِ عَدَاتِي
وَلَدْتُ وَلَمَّا لَمْ أَجِدْ لِعَرَائِسِي
رِجَالاً وَأَكْفَاءً وَأَدْتُ بَنَاتِي
وَسَعَتْ كِتَابُ اللهِ لَفْظًا وَغَايَةً
وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ
فَكَيْفَ أعْجَزُ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ
وَتَنْسِيقِ أَسْمَاءٍ لِمُخْتَرَعَاتِ
أَنَا البَحْرُ فِي أَحْشَائِهِ الدُّرُّ كَامِنٌ
فَهَلْ سَاءَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتِي
فَيَا وَيْحَكُمْ أَبْلَى وَتُبْلَى مَحَاسِنِي
وَمِنْكُمْ وَإِنْ عَزَّ الدَّوَاءُ أَسَاتِي
فَلَا تَكِلُونِي للزَّمَانِ فَإِنَّنِي
أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَحِينَ وَفَاتِي
أَرَى لِرِجَالِ الغَرْبِ عِزًّا وَمِنْعَةً
وَكَمْ عَزَّ أَقْوَامٌ بِعِزِّ لُغَاتِ
أَتَوْا أَهْلَهُمْ بِالمُعْجِزَاتِ تَفَنُّنًا
فَيَا لَيْتَكُمْ تَأْتُونَ بِالكَلِمَاتِ
أَيَطْرِبُكُمْ مِنْ جَانِبِ الغَرْبِ نَاعِبٌ
يُنَادِي بِوَأْدِي فِي رَبِيعِ حَيَاتِي
وَلَوْ تَزْجُرُونَ الطَّيْرَ يَوْمًا عَلِمْتُمُ
بِمَا تَحْتَهُ مِنْ عَثْرَةٍ وَشَتَاتِ
سَقَى اللهُ فِي بَطْنِ الجَزِيرَةِ أَعْظُمًا
يَعِزُّ عَلَيْهَا أَنْ تَلِينَ قَنَاتِي
حَفِظْنَ وَدَادِي فِي البِلَى
وَحَفِظْتُهُ لَهُنَّ بِقَلْبٍ دَائِمِ الحَسْرَاتِ
وَفَاخَرْتُ أَهْلَ الغَرْبِ وَالشَّرْقِ مُطْرِقٌ
حَيَاءً بِتِلْكَ الأَعْظُمِ النَّخِرَاتِ
أَيُّهَا القَائِمُونَ بِالأَمْرِ فِينَا
هَلْ نُسَيِّمُ وَلاَءَنَا وَالْوِدَادَا
خَفِّضُوا جَيْشَكُمْ وَنَامُوا هَنِيئًا
وَابْتَغُوا صَيْدَكُمْ وَجُوبُوا البِلَادَا
وَإِذَا أَعْوَزَتْكُمُ ذَاتَ طَوْقٍ
بَيْنَ تِلْكَ الرُّبَى فَصِيدُوا العِبَادَا
وَإِنَّمَا نَحْنُ وَالحَمَامُ سَوَاءٌ
لَمْ تُغَادِرْ أَطْوَاقَنَا الأَجْيَادَا
لاحَ منها حاجبٌ للناظرين
فَنسوا بالليل وضاحَ الجبين
ومَحَتْ آيَتُها آيَتَهُ
وتَبَدَّت فتنَةً للعالمين
نَظَرَ إِبراهيم فيْها نَظْرَةً
فأرَى الشك وما ضلَّ اليقين
قال: ذا رَبّي، فلمّا أَفَلَتْ
((قال: إنّي لا أُحبُّ الآفين))
ودَعَا القومَ إلى خالقها
وأتَى القومَ بسُلطانٍ مُبِين
رَبّ إن الناس ضَلّوا وغَوَوا
ورأوا في الشمس رأي الخاسرين
خَشَعَتْ أبصارُهم لمّا بَدَتْ
وإلى الأذقان خَرّوا ساجدين
نَظَرُوا آياتِها مُبصرةً
فَعَصوا فيها كَلامَ المُرسلين
نَظَرُوا بَدْرَ الدُّجَى مرآةً
تَتَجَلَّى فيه حينًا بعدَ حين
ثمّ قالوا: كيفَ لا نَعبُدُها
هلْ لها فيما تَرَى العينُ قَرين
هيَ أُمُّ الأرضِ في نِسبَتِها
هيَ أُمُّ الكَونِ والكونُ جنين
هيَ أُمُّ النّارِ والنّورِ مَعًا
هيَ أُمُّ الرّيحِ والماءِ المَعِين
هيَ طَلْعُ الرَّوضِ نَوْرًا وَجَنىً
هيَ نَشَرُ الورْدِ، طيبُ الياسَمين
هيَ مَوْتٌ وحَيَاةٌ لِلْوَرَى
وضَلالٌ وهُدىً للغابِرين
صَدَقوا لكنّهم ما عَلِمُوا
أنَّها خَلْقٌ سيَبلَى بالسّنين
أإلهٌ لَم يُنَزِّهْ ذاتَهُ
عَن كسوفٍ؟ بئس زَعَمُ الجاهلين
إنّما الشمسُ وما في آيِها
مِن مَعانٍ لَمَعتْ للعارفين
حِكْمَةٌ بالِغةٌ قد مَثَّلَتْ
قُدْرَةَ اللهِ لقومٍ عاقلين
أحدث التعليقات