تأسيس دولة الأدارسة
كانت الغالبية العظمى من المسلمين تؤمن بأن بني هاشم هم الأحق بالخلافة بدلاً من بني أمية. ومع قيام الدولة العباسية، سعت هذه الأخيرة إلى حصر الخلافة في نطاق عائلتها فقط. ولكن، كان الصراع على الخلافة معقداً، إذ تنافس بنو علي بن أبي طالب مع بني أمية وبني العباس، مما أدى إلى تعرضهم للعديد من التحديات والمعارك. وقد اتخذت الدولة العباسية موقفاً سلبياً تجاه إنشاء دولة الأدارسة في المغرب الأقصى نتيجةً للعداء القديم الذي نشأ في بداية حكمهم مع محمد بن عبدالله المعروف بالنفس الزكية وشقيقه إبراهيم، حيث تمكن الخليفة المنصور من القضاء عليهما. ومع ذلك، استطاع إدريس، شقيقهما، الهروب إلى المغرب حيث اختبأ هناك. بعد أن عرض إدريس نفسه ومنهجه الذي كان يركز على نشر الإسلام ورسالة آل البيت، حظي بتأييد العديد من القبائل البربرية، وقاموا بقطع علاقاتهم مع الدولة العباسية، مما شكل تهديدًا كبيرًا على العباسيين. توفي إدريس الأول مسموماً، ولم يترك وراءه سوى جارية تدعى كنزة التي كانت حاملاً منه. وقد اتفق ذوو الشأن على أن الخلافة تتوقف على المولود الذي ستنجب كنزة، فإذا كان ذكراً سيتم مبايعته. وبالفعل، حين وُلِد إدريس الثاني وبلغ الحادية عشرة من عمره، تم مبايعته خليفةً لوالده.
ازدهار دولة الأدارسة
أصبحت دولة الأدارسة الخلافة الأولى للعلويين. وبعد وفاة إدريس الثاني، تولى ابنه محمد الحكم حتى وفاته، ثم جاء بعده ابنه علي بن محمد الملقب بحيدرة، والذي كان في التاسعة من عمره. وبعد وفاته، تولى إخوته الحكم، حيث جاء يحيى الأول بن محمد، ثم يحيى الثاني بن علي بن محمد. بهذا، انتهى حكم أسرة محمد بن إدريس الثاني، وتوزع الحكم بين أسرتين، هما أسرة عمر بن إدريس الثاني وأسرة القاسم بن إدريس الثاني. وقد شهدت دولة الأدارسة أوج ازدهارها خلال فترة حكم يحيى الرابع بن إدريس بن عمر بن إدريس الثاني، الذي استمر في الحكم حوالي ثمانية عشر عامًا، ويعتبر المؤسس الحقيقي لهذه الدولة من خلال ما حققه من إنجازات، حيث بنى مدينة فاس التي أصبحت عاصمتهم.
انحسار دولة الأدارسة
بعد وفاة إدريس الثاني، أدى تقسيم البلاد إلى نشوب المنازعات والصراعات، مما أكد انتشار الفساد في البلاد وجعلها ضعيفة على مر السنين. وفي نهاية المطاف، تمكن الفاطميون من التغلب على الأدارسة واحتلال عاصمتهم فاس. وذكرت بعض المصادر أن دولة الأدارسة كانت دولة شيعية نشأت في مراكش، حيث سعت إلى توسيع نفوذها، مما أدى إلى تفكيك مفهوم الوحدة الإسلامية.