المواضيع الشعرية الحديثة في العصور الأموية والعباسية

التطورات الشعرية بين العصر الأموي والعصر العباسي

التطورات الشعرية في العصر الأموي

تتضمن التطورات الشعرية العديد من الموضوعات الجديدة، منها:

الشعر السياسي

تميز العصر الأموي بصراع السلطة بين الهاشميين والأمويين، مما أدى إلى انبثاق أغراض شعرية جديدة تلائم تلك الظروف. كان من أبرز شعراء هذا النوع الكميت بن زيد الأسدي، الذي نظم قصائد تمدح آل البيت، مثل قصيدته الشهيرة التي تبدأ بـ:

طَرِبتُ وما شَوقاً إلى البِيضِ أَطرَبُ

ولاَ لَعِبَاً أذُو الشَّيبِ يَلعَبُ

ولم يُلهِنِي دارٌ ولا رَسمُ مَنزِلٍ

ولم يَتَطَرَّبنِي بَنضانٌ مُخَضَّبُ

وَلاَ أنَا مِمَّن يَزجرُ الطَّيرُ هَمُّهُ

أصَاحَ غُرَابٌ أم تَعَرَّضَ ثَعلَبُ

ولا السَّانِحَاتُ البَارِحَاتُ عَشِيَّةً

أمَرَّ سَلِيمُ القَرنِ أم مَرَّ أَعضَبُ

وَلكِن إِلى أهلِ الفَضَائِلِ والنُّهَى

وَخَيرِ بَنِي حَوَّاءَ والخَيرُ يُطلَبُ

إلى النَّفَرِ البيضِ الذِينَ بِحُبِّهم

إلى الله فِيمَا نَابَنِي أتَقَرَّبُ

بَنِي هَاشِمٍ رَهطِ النَّبِيِّ فإنَّنِي

بِهِم ولَهُم أَرضَى مِرَاراً وأغضَبُ

الغزل الصريح

شهدت أشعار الغزل في العصر الأموي تحولاً من الغزل العفيف إلى الغزل الصريح، وكان من رواد هذا النوع الشاعر عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، ومن أشهر قصائده: “ليت هندا أنجزتنا ما تعد”، حيث يقول:

لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد

وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِد

وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً

إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد

زَعَموها سَأَلَت جاراتِها

وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِد

أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني

عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد

فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها

حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد

حَسَدٌ حُمِّلنَهُ مِن أَجلِها

وَقَديماً كانَ في الناسِ الحَسَد

غادَةٌ تَفتَرُّ عَن أَشنَبِها

حينَ تَجلوهُ أَقاحٍ أَو بَرَد

وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما

حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد

طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا

مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِد

سُخنَةُ المَشتى لِحافٌ لِلفَتى

تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَرَد

التطورات الشعرية في العصر العباسي

تتضمن التطورات الشعرية في هذا العصر العديد من الموضوعات الجديدة، منها:

الزهد والتصوف

يمثل هذا النوع من الشعر ترفعًا عن متاع الدنيا والتركيز على العبادات والمحبة الإلهية، ويعتبر الشاعر أبو العتاهية من أبرز شعراء هذا الاتجاه. ومن قصائده الشهيرة في الزهد: “رغيف خبز يابس”، حيث يقول:

رغـيـف خـبـز يـابـسٌ

تــأكـلـه فـــي زاويـــه

وكــــوز مــــاء بــــارد

تـشـربُه مــن صـافـيه

وغــــرفـــةٌ ضــيّــقــةٌ

نـفـسُك فـيـها خـالـيه

ومــســجـدٌ بــمَــعـزِل

عــن الــورى بـنـاحيه

تــدرس فـيـها دفـتـراً

مــسـتـنـداً بــســاريـه

مـعـتبراً بـمـن مـضـى

مــن الـقرون الـخاليه

خيرٌ من الساعات في

فـىء الـقصور العاليه

تــعــقُـبـهـا نــــدامـــةٌ

تَـصـلى بـنـارٍ حـامـيه

فـاسمع لنُصح مُشفِق

يـدعـى أبــا الـعتاهيه

السخرية والفكاهة

هذا النمط من الشعر يتميز بأسلوبه الساخر، وغالبًا ما يكون من السهل الكتابة عنه والهدف منه إدخال السرور والمرح على النفس. ومن أبرز الأعمال في هذا السياق قصيدة “يا سيدًا لم تزل فروع” للشاعر ابن الرومي، التي يقول فيها:

يا سيداً لم تزلْ فُروعٌ

من رأيه تحتها أصولُ

أمثلُ عمروٍ يَسُومُ مثلي

خسفاً وأيامُه تطولُ

أمثلُ عمروٍ يُهين مثلي

عمداً ولا تُنتَضَى النُّصولُ

ألا يرى منك لي امتعاضاً

كالسيف فيه الردى يجولُ

يا عمرو سالتْ بك السيولُ

لأمّك الويل والهبولُ

وجهك يا عمرو فيه طولُ

وفي وجوه الكلاب طولُ

فأين منك الحياءُ قل لي

يا كلبُ والكلب لا يقولُ