الفروق بين الآيات الواضحة والآيات التي تحتمل أكثر من تفسير

معنى المُحكم والمتشابه في القرآن الكريم

يمكن تلخيص معنى المُحكم والمتشابه في كتاب الله -تعالى- على النحو التالي:

  • المُحكم: يعني ما دلالته ومعانيه جلية وواضحة.
  • المتشابه: هو ما يختص الله بعلمه ومعانيه.

الفرق بين الآيات المحكمات والمتشابهات

توجد فروقات مميزة بين الآيات المُحكمات والمتشابهات، وفيما يلي توضيح لذلك:

  • من حيث المعنى: إن الآيات المُحكمات تُعدُّ آيات واضحة المعاني، خالية من اللبس، وغالبية آيات القرآن الكريم تنتمي إلى هذه الفئة، حيث تعتبر الآيات المُحكمات أساس الكتاب كما ورد في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).

بينما الآيات المتشابهات هي التي قد يلتبس معناها على بعض الناس، ولا يدركها إلا العلماء، وبعض هذه المتشابهات لا يعلم معناها إلا الله -سبحانه وتعالى-.

  • من حيث التعامل مع تلك الآيات: يتبع أصحاب الحق المتشابه بالإرجاع إلى المُحكم، مؤكدين أن جميع الآيات من عند الله ولا توجد علاقة متعارضة أو تناقض بينها. أما الآخرون، فيسعون لتأويل المتشابه في محاولة لمعارضة المُحكم، وهدفهم من ذلك هو إثارة الفتنة والتحريف وإضلال الناس، ومنعهم من الوصول إلى الفهم الصحيح لأصل الدين.
  • من حيث نتيجة التعامل مع تلك الآيات: من يعود المتشابه إلى المُحكم، أي يعيد المعنى الملتبس إلى المعاني الواضحة، يتبع سبيلاً يؤدي إلى الهداية والمصير الناجح. بينما من يتجاهل ذلك لن يوفق إلا في ضلاله.

أنواع المتشابهات في القرآن الكريم

تتعدد أنواع المتشابهات في القرآن الكريم، وفيما يلي توضيحه:

  • المتشابه من ناحية اللفظ: هو اللفظ الذي يحدث فيه غموض، وينقسم هذا النوع إلى:
    • متشابهٌ لفظي يُعزى إلى الألفاظ المفردة: حيث يكون السبب إما غرابة اللفظ أو تداخل معانٍ متعددة لهذا اللفظ.
    • متشابهٌ لفظي يُعزى إلى تركيب الجملة: يتضمن توسيع المعنى أو اختصاره أو ترتيبه.
  • المتشابه من ناحية المعنى: يشمل الأمور المتعلقة بيوم القيامة وأهواله، والأمور التي يصعب على العقل البشري تصورها، ونعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار.
  • المتشابه من ناحية اللفظ والمعنى معاً: وله أمثلة كثيرة في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ)، فمن لا يعرف أحوال العرب في الجاهلية لن يستطيع تحديد المعنى المقصود، والذي يشير إلى ربا النسيئة الذي كان شائعاً بينهم.

الحكمة من ورود المتشابه في القرآن الكريم

تم ذكر المتشابه في القرآن الكريم لحكمة بالغة، وهذه الحكم تشمل:

  • إنذار القلوب واستسلامها لخالقها -جلّ وعلا-؛ فلو كان القرآن كله مُحكمًا، لما تمايز الناس في خضوعهم لله -تعالى-، ولأصبحوا جميعًا في صفٍ واحد.
  • تشجيع المؤمنين وبالأخص العلماء على المنافسة المحمودة، من خلال استخدام العقل والبحث في هذا الكنز القرآني المليء بالمعاني العظيمة، ويستخلص كل واحدٍ منهم ما يناسب اجتهاده وبحثه، مما يدل على تكريم الله -سبحانه وتعالى- للإنسان بعقله.
  • القرآن الكريم قد نزل بلغة العرب؛ وكلمات العرب قد تتنوع في التعبير، فهناك ما يكون موجزاً وآخر يحمل معاني وإشارات عديدة قد لا تكون ظاهرة للوهلة الأولى.

لقد جاءت الآيات في القرآن بأسلوب العرب، من حيث المُحكم الموجز والمتشابه الذي يحمل معاني متعددة، فالله -سبحانه وتعالى- جاء بالقرآن الكريم المعجز متحدياً العرب بلغةٍ تشبه لغتهم، وهذا في حد ذاته يمثل إعجازًا وتحديًا لهم بإنتاج مثل هذا الكتاب.

Published
Categorized as إسلاميات