الاختلاف بين المجاملة والنفاق
يعتبر كل من النفاق والمجاملة مفهومات قريبة من بعضها، إلا أن آثار كل منهما تختلف بحسب السياق والنية. لتوضيح الاختلاف، يجب علينا التعرف على كل مصطلح على حدة، كما يلي:
- المجاملة: هي التصرف بصفة اجتماعية دون أن يكون الشخص قاصدًا لذلك بشكل فعلي.
- النفاق: هو الإظهار لشئ معين مع إبداء عكسه من الداخل، مما يعكس عدم التوافق بين الظاهر والباطن.
يكمن الاختلاف الرئيس هنا في أن النفاق يعبر عن ضعف وفساد في نفس الشخص المنافق، الذي لا يستطيع أن يظهر ما في داخله بصدق. على النقيض، تُعتبر المجاملة سلوكًا قد يظهر في سياقات من القوة والقدرة، حيث يُعبر الشخص عن تقديره لمن لا يرغب في تكريمه حقًا. في هذه الحالة، يكرم المجامل بدافع شخصي وليس بدافع الاستحقاق.
من الجدير بالذكر أن المجاملة تكون عادةً في سياقات القوة، حيث يُظهر الشخص تعاطفه تجاه من هو أضعف منه، في حين أن النفاق يتسم باللؤم والرغبة في إيذاء الآخرين. يُعتبر الفرق بينهما دقيقًا جدًا، فربما يُظهر المؤمن المجاملة، ولكن المؤكد أنه لا يُنافق.
الحكم الشرعي للمجاملة والنفاق
أما بالنسبة للحكم الشرعي للنفاق، فهو محرم بلا ريب نظرًا للمفاسد والفتن التي ينجم عنها على مستوى الأفراد والمجتمعات. آثار النفاق جسيمة وعواقبه وخيمة، فقد شهدنا عبر التاريخ ما تسبب به المنافقون من مشكلات واضطرابات أثرت على المؤمنين وصنعت الفتن بين الناس.
أما عن المجاملة، فلا ضير فيها إلا إذا ترتب عليها معصية كالتصريح بقبول المعاصي أو المشاركة فيها، ففي هذه الحالة تصبح المجاملة محرمة. الأجدر بالمؤمن هو الابتعاد عن المجاملة، لأن تكرارها قد يؤثر سلبًا على نزاهته وقد توصله إلى المحرمات.
الآيات القرآنية المتعلقة بالمجاملة والنفاق
توجد العديد من الآيات الكريمة في القرآن التي تتناول مواضيع المجاملة والنفاق، ومنها:
- قال الله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).
- قال الله -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ* وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ).
- قال الله -تعالى-: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
- قال الله -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ* وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ* وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ).
- قال الله -تعالى-: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).