لعبت الألوان دوراً مهماً في حياتنا منذ الطفولة، حيث نتعرف على أسمائها ومعانيها. فعلى سبيل المثال، يرتبط اللون الأحمر بالدم، بينما يرمز اللون الأخضر إلى النباتات. كما نعلم أن الضوء هو العنصر الأساسي وراء قدرتنا على الرؤية. بدون الضوء، لن تكون العين قادرة على إدراك البيئة من حولها، حيث ينعكس الضوء من الأجسام المختلفة إلى العين، التي تقوم بدورها بترجمة هذه الإشارات من خلال الدماغ لرؤية الصور المتنوعة. ولكن كيف يمكننا رؤية الألوان الخاصة بهذه الأجسام؟
الضوء هو عبارة عن مجموعة من الإشعاعات الكهرومغناطيسية. وعادة ما يشير مصطلح “الضوء” إلى الضوء المرئي، وهو ما يمكن رؤيته بالعين المجردة. بينما يشمل تعريف الضوء في الفيزياء جميع الأطوال الموجية، سواء كانت مرئية أم غير مرئية، بما في ذلك الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية والموجات الراديوية. ويتراوح الطول الموجي للضوء المرئي بين 400 و700 نانومتر، وهو نطاق الضوء الذي يمكن للعين البشرية إدراكه. يمتلك اللون البنفسجي أقصر الأطوال الموجية، في حين أن اللون الأحمر يمتلك الأطول، وكل الألوان الأخرى يمكن تصنيفها ضمن هذا النطاق.
إن عملية رؤية الألوان تعتمد على تفاعل عدة عوامل، بما في ذلك العين والدماغ. فعندما تتعرض العين للضوء، تقوم خلايا الشبكية بترجمته وإرسال إشارات إلى الدماغ. يقوم الدماغ بعد ذلك بمعالجة هذه الإشارات، مما يساعدنا على إدراك الألوان. وقد أشار نيوتن إلى أن الألوان ليست خصائص فطرية للأجسام، بل إن السطح يعكس بعض الأطوال الموجية للضوء بينما يمتص البقية، مما يمنح التفاحة لونها الأحمر المعروف.
إذا عكس جسم جميع الأطوال الموجية، يظهر لنا باللون الأبيض، الذي يشكل مزيجاً من كافة الألوان. يمكننا ملاحظة ذلك عند تكسر الضوء عبر قطعة زجاجية؛ حيث يتشتت كل لون بزاوية معينة حسب طوله الموجي. في المقابل، اللون الأسود يمثل حاله معاكسة، حيث يقوم السطح بامتصاص جميع الأطوال الموجية دون أن يعكس أي منها. لذا، لا نرى اللون الأسود إلا في غياب الضوء.
بعد الثورة العلمية واكتشاف الطريقة التي نرى بها الألوان، بدأ التساؤل حول جوهر الألوان وما إذا كانت تُعتبر جزءاً من خصائص المادة. يعد هذا سؤالاً فلسفياً يرتبط بمجال العلم. حيث يرى بعض العلماء والفلاسفة أن اللون لا يمكن اعتباره خاصية من خواص المادة؛ فهو ليس كالحجم أو الكتلة، بل هو تجربة تحدث في العقل وتُفسر وتصبح قناعة لدى الإنسان منذ الطفولة. ومع أن حجم الأجسام يتساوى بين الكائنات الحية من إنسان وحيوانات، يظل السؤال: هل ترى الحيوانات الألوان كما نراها نحن؟ وحتى أكثر من ذلك، هل يدرك الأشخاص المصابون بعمى الألوان الألوان بالطريقة نفسها التي يدركها الأشخاص العاديون؟
أحدث التعليقات