يُعرف شعر زهير بن أبي سلمى بجوانبه الحكيمة، حيث تميز هذا النوع من الشعر بأسلوبه الفريد. وتم تصنيف قصائده تحت أسلوبين رئيسيين على النحو التالي:
تجلى ذلك في الأبيات التالية:
ومن لم يصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطى بمنسم
ومن يجعل المعروف من دون عِرضه
يفره ومن لا يتق الشتم يشتم
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
وإن يرق أسباب السماء بسلم
ومن يجعل المعروف في غيره أهله
يكن حمده ذمًا عليه ويندم
ومن يغترب يحسب عدوًا صديقه
ومن لم يكرم نفسه لم يكرم
تظهر دعوته في الأبيات التالية:
يمينًا لنعم السيدان وجدتما
على كل حال من سحيل ومبرم
تداركتما عبسًا وذيبان بعدما
تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
وقد قلتما إن ندرك السلم واسعًا
بمال ومعروف من الأمر نسلم
فأصبحتما منها على خير موطن
بعيدين فيها من حقوق ومأثم
زهير بن أبي سلمى هو ربيعة بن رباح المزني، وُلد في عام 205م لعائلة مشهورة بالشعر، فقد كان والده وخاله وأختاه سلمى والخنساء أيضًا شاعرات. نشأ زهير في نواحي المدينة المنورة وعاش في بلدان نجد، ويعتبر من أبرز الشعراء في العصر الجاهلي.
يتميز زهير بدقة أشعاره واهتمامه بإخراج القصيدة بصورة متكاملة، حيث كان يستغرق شهرًا في كتابة القصيدة ثم ينقحها لمدة عام كامل، ولهذا السبب تُعرف قصائده بـ “الحوليات”.
كان زهير شخصية هادئة ورزينة؛ يسعى دائمًا لفض النزاعات بين الناس. وقد عاصر حرب داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان، وما شهد من دماء أريقت بلا سبب دفعه إلى نظم معلقته الشهيرة التي تدعو إلى البر والإحسان.
كما أشرنا سابقًا، فإن شعر زهير بن أبي سلمى يغلب عليه طابع الحكمة، ويمكن تلخيص خصائص شعره الحكيم بالنقاط التالية:
كان زهير يختار ألفاظه بعناية، حيث كانت تتنوع بين السهولة والجزالة وفقًا للمعاني المقصودة.
تميز أسلوبه بالتجدد المستمر دون اعتماد على التعقيدات الشعرية التي قد تفسد الفحوى.
تنبع معانيه من تجاربه الشخصية وخبراته في الحياة.
برع زهير في استخدام الصور الفنية الجميلة، وكانت تشبيهاتُه قريبة من أذهان العامة، مما جعل شعره مقولاً مأثورًا في كثير من الأحيان.
لطالما تميز شعر زهير بن أبي سلمى بالحكمة والرزانة، ولعل لذلك أسبابًا عدة تتعلق بشخصيته وتكوينه النفسي، مثل:
أحدث التعليقات