تعتبر عبارة “الثبات على المبدأ” من العبارات التي تثير دهشة الكثيرين، حيث ترتبط بشدة بطبيعة ذلك المبدأ، سواء كان يتماشى مع الأخلاق والقيم أو أنه مجرد تمسك بالرأي وموقف مضاد يتمسك به الفرد برغم أنه قد يراه البعض عفين أو غير ملائم لمجريات العصر.
الثبات على المبدأ
تعتبر المبادئ الأساس الذي تُبنى عليه الأمم، حيث تعمل كموجهات ومرشدات تعكس رقي وتقدم الشعوب. فعندما يهتم أبناء المجتمع بالمبادئ الأخلاقية، ينعكس ذلك على جودة الحياة التي يعيشها أفراد المجتمع. ويتضح ذلك من خلال النقاط التالية:
- تؤثر المبادئ الأخلاقية التي يعتنقها الفرد بشكل مباشر على حياة أسرته، التي تمثل نواة المجتمع. وبالتالي، فإن صلاح الأسرة يساهم في صلاح المجتمع بشكل عام.
- والثبات على هذه المبادئ من قِبل رب الأسرة وأفرادها يعدّ خطوة أساسية نحو استقرار الحياة الأسرية.
- يساهم التمسك بالمبادئ أيضًا في تعزيز الأمان المجتمعي، حيث تقل الجرائم اللاأخلاقية ويزيد الاستقرار والتعاضد بين المواطنين.
- يساعد الالتزام بالمبادئ في تعزيز شعور الأفراد بالعدالة والمساواة، مما يؤثر إيجابًا على مشاركتهم في الأنشطة المجتمعية.
- إن التمسك بمبدأ الحق يمكن أن يحقق النجاح والسعادة للأفراد، كما يعزز حريتهم، مما ينجم عنه تأثيرات إيجابية في تطور المجتمع وتقدمه.
أصناف الناس في ثباتهم
يعتقد بعض الناس أن الثبات على المبدأ قد يُعتبر نوعًا من الرجعية والجمود، مشيرين إلى الحاجة إلى إعادة النظر في هذا الأمر مع تطور العصور.
إن كل عصر يحمل اختلافاته ويجب على الإنسان أن يعدل أفكاره وفقًا لذلك. وهناك نوعان من الناس في تمسكهم بمبادئهم، وهم كالتالي:
- بعض الأفراد يتجاهلون مشاعرهم أو عواطفهم تجاه مواقف معينة، مع حرصهم على إظهار تمسكهم بمبادئهم.
- رغم الظروف القاسية التي قد يواجهونها، يشعرون أن التمسك بالمبدأ هو مفتاح للخلاص من الصعوبات، ويعتبرونه طوق النجاة لشخصياتهم.
- قد يُظهر البعض تعصبًا زائدًا لمبادئهم، وهذا قد يصل بهم إلى التطرف أحيانًا مما يعرضهم للانتقاد.
- إذا كان المبدأ يتضمن صفات أخلاقية أو قيمًا إنسانية، فإن ذلك لا يُعتبر تطرفًا.
- بل يجسد سعيًا لحماية المجتمع وصون قيمه من التراجع.
- أما النوع الآخر، فتمسكهم بالمبادئ يتأثر بالظروف والمقتضيات.
- إذ يمكنهم التشبث بمبدأ ما ليوم واحد، ثم يتخلون عنه عند حدوث تغير في هذه الظروف. هؤلاء الأفراد يمثلون خطرًا أكبر على المجتمع بالمقارنة مع الأشخاص الذين بلا مبادئ.
مبادئ الدين الإسلامي
تُعتبر مبادئ الدين الإسلامي الخالدة من المُبادئ الأساسية التي تحافظ على كرامة الإنسان وحياته المستقرة.
تحترم هذه المبادئ إنسانية الفرد وتضمن له استقرار العيش وراحة البال، كما يتضح فيما يلي:
- تعتبر الحضارة الإسلامية مثالاً حيًا على شمولية المبادئ الإسلامية لكافة جوانب الحياة، حيث يرتبط ارتباط الإنسان بعبادة الله الواحد واتباعه لتوجيهاته بصفة قوية تعزز من دوره الفعال في المجتمع.
- يشير تخلي البعض عن تلك المبادئ العظيمة في وقتنا الراهن إلى تراجع مكانة الأمة الإسلامية والعربية بشكل خاص.
- مع ذلك، فإن العودة إلى الفطرة السليمة التي فطرنا الله عليها، والتي أكد عليها القرآن الكريم.
- تعلم المسلم المبادئ التي تيسّر عليه حياته في الدنيا، وتُعدّه للنجاة في الآخرة بإذن الله.
- تنظم المبادئ الإنسانية السامية العلاقات بين المسلمين وغيرهم، مؤكدة على ضرورة أن تقوم تلك العلاقات على الرحمة والإنسانية.
- لنا في الرسول الكريم أسوة حسنة في نشر تلك المبادئ الإنسانية وثباته عليها رغم كل ما تعرض له من أذى.
الفرق بين المبدأ والرأي
قد يعتقد البعض أن الثبات على المبدأ مجرد فكرة عفى عليها الزمن، لكن هذا يعكس خطأً كبيرًا في التفريق بين الرأي والمبدأ. لذا، يجب توضيح الفروق التالية:
- يعبر الرأي عن ما يخطر ببال كل فرد تجاه مختلف جوانب الحياة، ويستند ذلك إلى تجاربه الشخصية والتربية التي تلقاها.
- كما يعتمد على ما تعلمه وما تعرض له من مجريات الحياة، مما يؤدي إلى تشكيل موقف معين تجاه موضوع ما.
- تختلف الآراء من زمان لآخر ومن مكان لآخر، وغالبًا ما يُعتبر الثبات عليها تعصبًا، مما قد لا يتناسب مع جميع فئات المجتمع.
- الخلاف في الآراء موضوع طبيعي يسهل التعايش معه في المجتمعات المتحضرة والمفتوحة.
- سواء تعلق الخلاف بقضية اجتماعية أو ثقافية.
- أما المبدأ فهو أمر يختلف تمامًا عن الرأي، وغالبًا ما يتفق عليه أفراد المجتمع بشكل عام.
- على سبيل المثال، يُعتبر التمسك بمبدأ رفض الغش، سواء في امتحانات أو انتخابات أو حتى في التجارة، من الأمور المتفق عليها بين الجميع، بغض النظر عن الزمان أو المكان أو الاختلافات الفكرية أو الدينية.