الحديث المتواتر: معناه وأهميته في النقد العلمي في الإسلام

الحديث المتواتر

يعتبر الحديث المتواتر من أهم أنواع الأحاديث في علم الحديث، حيث يرويه مجموعة من الصحابة بطريقة تجعل من المستحيل أن يتفقوا على الكذب، ويجب أن يرتبط الحديث بشيءٍ محسوس. يُشترط توفر هذا الجمع في كل طبقة من طبقات السند. وبالتالي، فإن استحالة تواطؤهم على الكذب تعني أنه من غير الممكن أن يتفقوا على اختلاق الحديث. يتعين على الرواة أن يشيروا إلى ما سمعوه أو رأوه أو لمسوه، أو أنهم قد حدّثوا به. وقد اختلف علماء الحديث حول العدد المطلوب للجمع في كل طبقة، فقيل إنه أربعة أو خمسة أو أكثر، وفي حالة عدم بلوغ العدد الأربعة، يصبح الحديث غريباً أو مشهوراً أو عزيزاً. من الأمثلة على الحديث المتواتر، أحاديث مثل رؤية النبي يوم القيامة، الحوض، الشفاعة، ورفع اليدين أثناء الصلاة، بالإضافة إلى المسح على الخفين. وقد بذل العلماء جهداً في تصنيف الأحاديث المتواترة، ومن أبرز المؤلفات في هذا المجال “كتاب الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة” للسيوطي، الذي عُني بتوثيق طرق كل حديث مع إسناداته، وقد اختصره لاحقاً في “كتاب قطف الأزهار”. كذلك من المصنفات المعروفة “نظم المتناثر في الحديث المتواتر” للكتاني.

الحديث المتواتر اللفظي

يعرف الحديث المتواتر اللفظي بأنه الحديث الذي تتعدد رواياته من حيث اللفظ والمعنى. ومثال على ذلك ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله: (مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).

الحديث المتواتر المعنوي

أما الحديث المتواتر المعنوي، فهو الذي يُروى بمعناه دون الالتزام باللفظ نفسه. يتجلى ذلك عندما تنقل مجموعة من الرواة العديد من الوقائع المتعلقة بقضايا مشتركة في موضوع معين، مما يستحيل معه التواطؤ على الكذب، مع التوافق على الأمور المشتركة. ومثال على ذلك أحاديث رفع اليدين في الدعاء، حيث بلغ عدد الأحاديث التي رُويت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- حوالي مئة حديث تتعلق برفع اليدين في الدعاء، ولكن في سياقات مختلفة، وبالتالي، فإن ما يُعتبر متواتراً هو فقط رفع اليدين في الدعاء، مما يجعله من النوع المتواتر المعنوي.