نبذة عن الشاعر الحارث بن عباد
الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة البكري هو شاعر جاهلي وفارس حكيم، ينتمي إلى قبيلة بكر بن وائل، التي تُعتبر من أبرز قبائل ربيعة. كان له مكانة رفيعة بين قومه، إذ يُعد من أسياد بني ربيعة، وقد خاض غمار القتال في حرب البسوس بين قبيلته بكر وقبيلة تغلب.
شعر الحارث بن عباد
تعددت أغراض شعرية في إبداعات الحارث، ومن أهمها:
الحماسة
يُعد شعر الحماسة من أبرز سمات قصائد الحارث، حيث يجسد تمجيدًا لصنائعه وصنائع قومه. تتناول أغلب نصوصه موضوع حرب البسوس، حتى وإن شملت مواضيع أخرى كالرثاء والهجاء والوصف. ومن الأمثلة على ذلك، يبدأ الحارث العديد من قصائده الحماسية بكلمات مثل: سل، فسائل، أو سائل، كما يظهر في قوله:
سل حيَّ تغلب عن بكرٍ ووقعتهم
… بالحنوِ إذ خسروا جهرًا وما رشدوا
وأيضًا:
فسائل إن عرضت بني زهيرٍ
… ورهط بني أمامة والغويرِ
الرثاء
يتجلى غرض الرثاء كعنصر أساسي في قصائد الحارث بن عباد، حيث نظم مرثيةً لابنه بجير، والتي أصبحت واحدة من أشهر عيون التراث الشعري العربي، معبّرة عن معاني الحزن والفقد. وقد أبدع الحارث في تصوير مشاعره الأبوية التي تختلط بألم الفقد، كما يتضح في قوله:
قتلوه بشسعِ نعلِ كليب
… إن قتلَ الكريم بالشسع غالِ.
وقد اعتزل الحارث حرب البسوس قائلًا: “لا ناقتي لي فيها ولا جمل”، حتى لقي ابنه بجير حتفه.
كما افتدى ابنه بكل من العم والخال بقوله:
قربا مربط النعامة مني… إن قتل الكريم غيّرََ حالي
قربا مربط النعامة مني… لحليمٍ متوجٍ بالجمال
قربا مربط النعامة مني… لبجيرٍ فداهُ عميَّ وخالي
الفخر
تُعرف قبيلة بكر بأنها من القبائل المُحاربة، وقد تجسد هذا الفخر في شعر الحارث، الذي يتحدث في جميع قصائده عن الحرب. كان الحارث فارسًا شجاعًا يفتخر بربِيعة، فيقول:
سلوا تخبروا عن معشري أي معشرٍ… وعنِّي إذ لاقيتكم أي فارسِ
وهلا سألتم بالقديم بِحربنا… تميم بن مُرٍّ عند ضرب الفوارسِ
الوصف
كان الحارث مُبدعًا في وصف المعارك التي خاضها، وكيف استطاع أن يفرق صفوف أعدائه. قال واصفًا المعارك التي دارت بين بكر وتغلب:
ثمّ التقينا ونارُ الحرب ساطعةٌ… وسمهري العوالي بيننا قصدُ
الغزل
أخذت الأطلال حيزًا في أشعار الحارث، فقال:
عفت أطلال مية من حفير… إلى الأجياد منه فجو بيرِ
وأيضًا:
وقد كانت تحلّ بها زمانًا… أمامة غير مكشفة الستور
الحكمة
يُعد الحارث بن عباد من حكماء العرب، حيث تتجلى حكمته في أشعاره، التي تعكس رزانته وصواب عقله. فيقول بنصحه لقومه:
نصحتُ لتغلب وكففت عنها… ولم أهتك لها حرم الستور
فأعيت تغلب وبغت علينا… ولم تحذر معاقبة الأمور
الخصائص الفنية لشعر الحارث بن عباد
تتضمن الخصائص الفنية لشعر الحارث ظواهر معنوية ولفظية، ومن أبرزها:
- وضوح المعاني، وهو من الظواهر المعنوية.
- وجود الصور البيانية كالتشبيهات والاستعارات والكنايات، مما يزيد شعره جمالًا ووضوحًا وهو من الظواهر المعنوية.
- تكرار بعض الألفاظ، وهو من الظواهر اللفظية، إذ يُستخدم أحيانًا للتبليغ والتحذير.
مكانة الحارث بن عباد بعد وفاته
يُعتقد أن وفاة الحارث بن عباد كانت حوالي 550هـ أو 570هـ. وقد أصبح مثلًا يُضرب به في الثقافة العربية، ومن بعض الأمثال المرتبطة به:
- “أوفى من الحارث بن عباد”.
- “أشرف من بنات الحارث”.
- “لا ناقة لي في هذا ولا جمل”.
- “من يتولَّ قارها فهو يتولى حارَّها”.
- “الأمور مخلوجة وليست بسُلكى”.