التهاب العنبية
التهاب العنبية، المعروف باللغة الإنجليزية بـ (Uveitis)، هو حالة تنجم عن التهاب يصيب العنبية في العين (Uvea)، مما يؤدي إلى تورمها وارتفاع درجة حرارتها. يمكن أن يحدث هذا الالتهاب نتيجة الإصابة بعدوى معينة أو لأسباب أخرى متعددة سيتم توضيحها في ما بعد. تجدر الإشارة إلى أن العنبية تمثل الطبقة المتوسطة للعين، وهي مسؤولة عن تزويد الشبكية (Retina) بالتروية الدموية اللازمة، وهو ما يؤدي إلى بروز اللون الأحمر في الشبكية. تعتبر الشبكية الجزء الذي يتحسس الضوء ويركز الصور قبل نقلها إلى الدماغ لمعالجتها. رغم أن التهاب العنبية عادة ما يكون غير خطير، إلا أنه في الحالات الشديدة وغير المعالجة قد يؤدي إلى فقدان البصر.
أنواع التهاب العنبية
يتم تصنيف التهاب العنبية إلى عدة أنواع، بناءً على الموقع الملتهب من العين كما يلي:
- التهاب العنبيّة الأماميّة: (Anterior uveitis)؛ يؤثر في مقدمة العين ويظهر في شكل التهاب القزحيّة (Iritis). يعتبر هذا النوع أقل حدة مقارنةً بالأنواع الأخرى.
- التهاب العنبيّة المتوسطة: (Intermediate uveitis) يُصيب وسط العين، يتمثل في التهاب الجسم الهدبي (Cyclitis).
- التهاب العنبيّة الخلفية: (Posterior uveitis)؛ ينطوي على التهاب مؤخرة العين، حيث يتمثل في التهاب المشيمة (Choroiditis) والشبكية (Retinitis).
- التهاب العنبيّة الشامل: (Diffuse uveitis) أو التهاب العنبيّة الشامل (Panuveitis) الذي يشمل جميع طبقات العنبيّة.
يمكن تقسيم المرض أيضًا بطريقة أخرى، حيث يُصنفه بعض الأطباء إلى التهاب العنبيّة المعدي وغير المعديّ، أو بناءً على مدة وشدة الإصابة كما يلي:
- التهاب العنبيّة الحاد: (Acute uveitis)؛ يظهر بشكل مفاجئ ويستمر لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، وعادة ما تكون مدة الإصابة حوالي 6 أسابيع.
- التهاب العنبيّة المزمنة: (Chronic uveitis)؛ يستمر الالتهاب لفترة تفوق الثلاثة أشهر، وليس من المعروف لماذا يتحول المرض إلى حالة مزمنة، لكنه ليس مرتبطًا بعدم تلقي العلاج المناسب.
- التهاب العنبيّة المتكررة: (Recurrent uveitis)؛ يتميز بتكرار الإصابة خلال فترات متفاوتة، حيث يعاني المصاب من تفاقم الأعراض ثم اختفائها واستقرار الحالة في أوقات لاحقة. هذا النوع من التهاب العنبية شائع جدًا.
أعراض التهاب العنبية
في بعض الحالات، قد لا ينتج عن التهاب عنبية العين أي أعراض واضحة، ويمكن اكتشاف الإصابة خلال فحص روتيني للعين. بينما في حالات أخرى، يمكن أن تظهر الأعراض بشكل مفاجئ أو تدريجي، وقد تصيب عين واحدة أو كلتا العينين. تشمل بعض الأعراض ما يلي:
- ألم واحمرار في العين.
- صغر بؤبؤ العين.
- الصداع.
- اضطراب في الر رؤية، مثل الرؤية الضبابية أو زغللة في العين.
- تغيير في لون القزحية.
- رهاب الضوء (Photophobia)، وهو التحسس غير الطبيعي تجاه الضوء.
- عوائم العين (Floaters)، وهي الأجسام الشفافة التي تظهر على شكل خطوط أو حلقات تتحرك في مجال الرؤية.
تختلف أعراض الالتهاب حسب نوعه كما يلي:
- التهاب العنبيّة الأماميّة الحاد: يصاحبه ألم واحمرار في العين، حساسية للضوء، وتقلص في بؤبؤ العين، وزغللة وقد يؤثر على إحدى العينين أو كلتيهما.
- التهاب العنبيّة المتوسطة: عادة ما لا يصاحبه ألم، ويتسبب في رؤية العوائم وزغللة.
- التهاب العنبيّة الخلفية: عادة لا يظهر هذا النوع من الالتهاب إلا من خلال فحص العين، وقد يتسبب بفقدان الرؤية في العين المصابة.
أسباب الإصابة بالتهاب العنبية
في حوالي نصف حالات الإصابة، يكون السبب غير واضح. يُعتقد أن بعض الحالات ناتجة عن أمراض المناعة الذاتية التي تهاجم العين أو إحداهما. عند تحديد السبب، قد يكون ناتجًا عن العوامل التالية:
- إجراء عملية جراحية في العين أو تعرضها للإصابة.
- الآثار الجانبية لبعض الأدوية.
- أنواع من العدوى مثل مرض خدش القطة (Cat-scratch disease)، وداء المقوسات (Toxoplasmosis)، والزهري (Syphilis)، ومرض السل (Tuberculosis)، والهربس النطاقي (Herpes zoster).
- الأمراض الالتهابية أو الأمراض المناعية الذاتية التي تؤثر على أجزاء أخرى من الجسم، مثل التهاب الفقار القسطي (Ankylosing spondylitis)، وداء الساركويد (Sarcoidosis)، وداء كرون (Crohn’s disease)، والذئبة الحمامية المجموعية (Systemic lupus erythematosus).
- في حالات نادرة، يمكن أن يحدث التهاب العنبيّة نتيجة لسرطان الغدد الليمفاوية (Lymphoma) في العين.
تشخيص التهاب العنبية
لتشخيص التهاب العنبيّة، يسأل الطبيب أولاً عن التاريخ الصحي للفرد ويجري فحصًا شاملاً للعين، والذي قد يتضمن:
- فحص الرؤية: يُقييم الطبيب من خلاله استجابة بؤبؤ العين للضوء والمقدرة على الرؤية، مع إمكانية استخدام النظارات إن كانت مستخدمة عادةً.
- قياس ضغط العين: (Tonometry) يُستخدم لقياس الضغط داخل العين، وقد تُستخدم قطرات لتخدير العين أثناء الاختبار في بعض الحالات.
- فحص المصباح الشقّي: (Slit-lamp examination) لتحليل الخلايا الملتهبة في مقدمة العين باستخدام مجهر خاص.
- تنظير العين: (Ophthalmoscopy) يُستخدم لتقييم مؤخرة العين من خلال تسليط ضوء قوي عليها بعد استخدام قطرات لتوسيع الحدقة.
علاج التهاب العنبية
يعتمد علاج التهاب العنبية على السبب عند معرفته؛ حيث يتشابه العلاج بين جميع الحالات إلا تلك الناتجة عن العدوى. يهدف العلاج أساسًا إلى تقليل الالتهاب في العين وأي مناطق أخرى من الجسم ذات الصلة. قد تستغرق مدة العلاج عدة أشهر أو حتى سنوات. تشمل الخيارات العلاجية ما يلي:
العلاجات الدوائية
تشمل العلاجات الدوائية الموصوفة لعلاج التهاب عنبية العين:
- مضادات الالتهاب: تبدأ عادةً باستخدام قطرات العين المضادة للالتهاب، المحتوية على أحد أنواع الكورتيكوستيرويد (Corticosteroid)، وغالبًا ما يتم وصف أدوية أخرى مثل الحبوب أو الحقن لعلاج الالتهاب العميق.
- مضادات التقلصات: تستخدم هذه القطرات لتخفيف الألم من خلال توسيع بؤبؤ العين وساهمت السيطرة على التقلصات في القزحية والهدبية.
- مضادات الفيروسات والبكتيريا: تستخدم لمحاربة العدوى في حال كانت مرتبطة بعدوى فيروسية أو بكتيرية، مع إمكانية وصفها جنبًا إلى جنب مع الأدوية الكورتيكوستيريد.
- مثبطات المناعة: (Immunosuppressive drugs) لها تأثير على الجهاز المناعي، وتستخدم للحد من استجابة الجسم لأمراض المناعة الذاتية، وتُستخدم في الحالات الحادة أو في حالة عدم الاستجابة للعلاجات الأخرى.
العلاجات الجراحية
من الخيارات الجراحية لعلاج التهاب العنبيّة:
- استئصال الزجاجية: (Vitrectomy) قد يتطلب الأمر في بعض الحالات النادرة إزالة الزجاجية لتحقيق السيطرة على الحالة.
- زراعة مضخة دوائية: قد يُزرع جهاز يقوم بإفراز دواء الكورتيكوستيرويد في العين لفترات تصل إلى سنتين أو ثلاث سنوات، وذلك لبعض حالات التهاب العنبيّة الخلفية غير المستجيبة للعلاج.
دواعي مراجعة الطبيب
ينبغي مراجعة الطبيب عند ظهور أعراض التهاب العنبيّة، وقد يقوم الطبيب بتحويل المريض إلى أخصائي العيون. في حال حدوث اضطرابات غير متوقعة في الرؤية أو الشعور بألم شديد في العين، يجب مراجعة قسم الطوارئ بشكل عاجل.
أحدث التعليقات