في إطار تطور القانون الإداري في الإسلام، شهدت الدولة الإسلامية تحولاً ملحوظاً نحو الازدهار والتقدم، مما أدى إلى ضرورة وجود نظام إداري متكامل يخدم أفراد الأمة الإسلامية، حتى في أصعب الأوقات.
تابعوا معنا تفاصيل هذه التغيرات وأكثر على موقع مقالاتنا المتخصص.
القانون الإداري في الإسلام
- عندما انتقل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، تميزت إدارتها بطابع شعبي.
- ومع وجود إدارة يتوجب أيضًا وجود قانون إداري.
- لكن وجود النظام الإداري لا يعني بالضرورة وجود قانون إداري، فالعلاقات الإدارية يجب أن تختلف عن العلاقات الفردية من حيث المعاملة.
- في النظام الإسلامي، لا يوجد فرق بين الحاكم والمحكوم فيما يتعلق بالامتثال لأحكام الشريعة، فكلاهما ملزم بالتنفيذ.
- فالشريعة الإسلامية لا تحتوي على قانون إداري منفصل، بل هي شاملة.
- لذلك، نشأ في النظام الإسلامي نوعين من القضاء: القضاء العادي وقضاء المظالم، على الرغم من أن الأخير يمتاز ببعض الخصوصيات الإدارية.
- خصوصًا في حل المنازعات التي تحمل طابعًا إداريًا.
- قضاء المظالم في الإسلام لا يشرع قواعد قانونية، لأنه ليس قانونًا إداريًا من ابتكار البشر.
- فالمصادر المعتمدة للقانون الإسلامي معروفة وواضحة.
- يعتبر العصر الحالي عصر القانون الإداري، مما يعني أنه يمكننا اعتباره أيضًا عصر القضاء الإداري.
مبادئ النظام الإداري الإسلامي
- تستند الشريعة الإسلامية إلى أصول إلهية، مستمدة من الكتاب والسنة.
- تسمح الشريعة للفرد بالتحرك بحرية وفق ضميره وقناعاته.
- لذا، فإن الشريعة الإسلامية تتميز بالطابع الشعبي، حيث تفاعل الفرد كعنصر فعال في المجتمع.
- دون أي ضغط أو إجبار لتحقيق المصلحة العامة.
تاريخ القانون الإداري الإسلامي
- كان القضاء الإداري في الماضي يمثل هيئة تتابع شكاوى المواطنين ضد كبار المسؤولين وأعيان الدولة.
- أسس هذا النظام عمر بن الخطاب، وعهد بالإشراف على هذا الشأن إلى علي بن أبي طالب، الذي أوجد مكانًا مخصصًا لتلقي شكاوى الناس.
- حيث يمكن للأفراد أن يشكوا عن تصرفات موظفي الدولة.
- في العهد الأموي، تطورت هذه الفكرة ليخصص عبد الله بن مروان يومًا في الأسبوع لاستقبال شكاوى الناس.
- وفي زمن الدولة العباسية، قام أبو جعفر المنصور بتعيين موظف مختص هو الحسن بن عمارة لهذه المهمة.
- خلال فترة المهدي، عُين ابن ثوبان لاستقبال شكاوى المواطنين، وكان يجلس في الطرقات لجمع مظالم الناس مباشرة.
- حتى تكتمل شكاوى متابعيه، ليعرضها على المهدي للنظر فيها.
ديوان مظالم الشعب
- يعتبر ديوان مظالم الشعب وكالة قضائية يرأسها الخليفة أو الوزير، وتمارس فيه السلطات القضائية بشكل موسع تفوق سلطة القاضي.
- يشبه في عمله القضاء المستعجل، حيث يتعامل مع مخالفات المؤسسات الإدارية التي تؤثر سلباً على المواطنين.
- ينهض المواطنون بالشكوى إلى هذا الديوان بحماس، بدءاً بالخليفة ووصولًا لأصغر موظف في القرية.
- لم يكن الخليفة العباسي ينظر بنفسه للشكاوى، بل كان يحيلها لأحد القضاة كما فعله المنصور والرشيد والمأمون.
- كان هناك يوم معين في الأسبوع، يجلس فيه الخليفة لاستقبال شكاوى الناس ومطالبهم بشكل مرتب.
- خصص المأمون يومي الجمعة والأحد لهذا الغرض، حيث كان يتلقى الشكاوى، وخاصة أن معالجة بعضها قد تأخذ وقتًا طويلاً.
- حتى أن الطبري يشير إلى أن هذه العمليات كانت تمتد حتى الليل.
- بعد مراجعة جميع الشكاوى، يأمر الخليفة بالتوقيع عليها بشكل هامشي، ثم يتم تحريرها إلى نسختين.
- تُختم النسخة الأولى وتُعاد لصاحبها، بينما تبقى الثانية في ديوان المظالم.
- يتابع موظف مختص أمور الشكوى وينفذ أوامر الخليفة تجاه الشخص المدعى عليه.
- كانت بغداد، عاصمة الدولة العباسية، تستقطب الشاكين من مناطق متعددة، مثل سمرقند والأندلس ومصر والشام والموصل وسامراء.
- كان هؤلاء جميعًا يقدمون شكاواهم للخليفة.
- كان يتم تقديم الشكاوى من جميع الأطراف، بدءًا من الأمراء وانتهاءً بالقضاة والشرطة، ووصولًا إلى عمال الخراج.
- كانت العديد من الشكاوى تُوجه إلى الوزراء بسبب استغلال وكلائهم لحقوق الناس.
- إذا أمر الخليفة بالنظر في هذه الشكاوى، كانت الأوامر تُنفذ على الفور دون مناقشة.
1- النظر في المظالم
- تنظر في حالات تجاوز الولاة على الرعية، وظلم العمال بما يتعلق بأموالهم.
- يتوجب النظر في قضايا الدواوين الخاصة بهم، والتي تتعلق بنقص الأرزاق أو تأخرها.
- استعادة ما أُخذ بطريقة غير مشروعة، وتنفيذ ما توقف من أحكام القضاة.
- يتعين النظر في المصلحة العامة ومراعاة العبادات، وكذا الفصل بين الأطراف المتنازعة.
- حيث لا يتم إجراء الحكم إلا عن طريق الحكام والقضاة.
دار العدل
- تُعتبر هذه المؤسسة مسئولة عن النظر في قضايا هامة، حيث يتعامل الخليفة مع هذه القضايا بشكل سريع وفعّال.
- يتم حل القضايا دون مناقشة.
- المكان الذي يجلس فيه الخليفة لاستعراض مظالم الناس يُطلق عليه اسم دار العدل.
- تُفرض الحدود على الجميع، بما في ذلك القضاة، مثل حد السرقة، بينما تُفرض عقوبات أخرى تسمى القصاص لأشخاص آخرين.
- وتم ترك البعض الآخر بمعايير تقديرية تتألف من المسؤولين المعنيين.
- كانت السلطة القضائية مدعومة من قبل القاضي الذي يختص بتطبيق هذه العقوبات، وكذلك كان يمتاز صاحب الشرطة بكونه المنفذ لهذه الأحكام.
- لم يكن هناك فصل واضح بين السلطتين في أوائل الإسلام، كما كان الحال في العهدين الراشدي والأموي.
- عند قدوم الدولة العباسية، زادت صلاحيات الشرطة في تنفيذ القوانين.
- عُين الخليفة علي بن ظبيان العبسي كقاضي عسكري، حيث أصبح من المعتاد جدًا أن تُحال القضايا العسكرية مباشرة إلى القضاء العسكري إذا كان أحد أطرافها من الجنود.
- ويعتبر ذلك جزءًا من النظام الإداري الفروع في تلك الفترة.
نقابة الطالبين
- بدأت مسيرتها من بيت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وبالأخص من بيت أبي طالب.
- حيث أنشئت هيئة قضائية خاصة بهم تتولى الحكم فيها من يعينه الخليفة العباسي.
- وفي عام 354 هجرية في العراق، تولى أبي أحمد الحسين بن موسى رئاسة نقابة الطالبين. كان يتولى النقيب متابعة جميع النزاعات بين أفراد الشعب.
- ويقوم بإصدار الأحكام المناسبة في هذا الشأن.
- في السنوات الأخيرة للدولة العباسية، تولى اليهود والنصارى قضاياهم وكان مسموح لهم باللجوء إلى القضاء العام.
- تشكلت محكمة خاصة لمحاكمة بعض الحكام والمسؤولين، وخاصة الأشخاص البارزين في الدولة، لمتابعة أي انحرافات قد تهدد الأمن الوطني.
- كان ذلك أمرًا صريحًا صادرًا عن الخليفة.
- في العصر العباسي، أُطلق على القضاة لقب “قضاة أمير المؤمنين”، حيث تم تعزيز صلاحياتهم في الفصل في القضايا.
- وكان بإمكانهم التعيين مباشرة دون الرجوع للخليفة.
- أصبح لكل مدينة قضاة، مما زاد من عدد الوحدات القضائية في تلك الفترة.
- من بين القضاة الذين تم ذكرهم في إرث القضاة، نذكر بعض المدن مثل تكريت، بغداد، أربيل، البصرة، الموصل وغيرها.