تُعتبر الأسلوبية منهجًا متخصصًا في دراسة الأدب ونقده، ولكنها ليست منهجًا مستقلًا عن غيرها من الفروع الدراسية التي تتعامل مع النصوص الأدبية. يظهر تأثير الأسلوبية جليًا من خلال ارتباطها العميق بتخصصات أخرى.
تهتم الأسلوبية بفحص الخصائص الأسلوبية للنصوص، بما في ذلك المجازات والصور الشعرية والإيقاعات، بالإضافة إلى الأصوات والأجناس اللغوية. وتوفر دراسة الأسلوبية فهماً عميقاً لبنية النص وجماليته وتأثيره على القارئ.
علاوة على ذلك، تسعى الأسلوبية لاستكشاف ما يتضمنه النص من أمثال وحكم وغموض، بالإضافة إلى توظيف الأساطير. ارتباط الأسلوبية بالبلاغة، خاصة في التراث العربي، أمر واضح، حيث تأثرت الأسلوبية بالسعي إلى أن تصبح علمًا مستقلًا بذاته مع ضوابط معرفية خاصة، متأثرة بالتطور النقدي على مر العصور.
تقوم الأسلوبية بتحليل النصوص وفق ثلاثة مستويات رئيسية: اللفظ، التركيب، والدلالة؛ في محاولة لكشف البنى العميقة للخطاب. وتُطبق الأسلوبية إجراءات ثلاث أساسية تتمثل فيما يلي:
تركز الأسلوبية على دراسة التركيب داخل الخطاب، وتقوم بالتعمق في الأبعاد الدلالية للتركيب مع الاهتمام بالجانب الوظيفي. مثلًا، تدرس الأسلوبية كيفية تقديم وتأخير العناصر، ونوعية الذكر والحذف، أعلى أسس التنكير والتعريف. يُشير ريفاتير، وهو من أبرز الباحثين في الأسلوبية المعاصرة، إلى اعتبار الخطاب تركيبًا جمالياً للعديد من الوحدات اللغوية.
يجب العمل على تحليل النص بصورة شاملة بدلاً من التركيز على عناصر محددة. يلفت جاكسون الانتباه إلى أن الشعرية تعتبر نتيجة لتوافق بين عملية الاختيار وعملية التأليف، حيث تُختار المفردات من المعجم لتشكل النص بناءً على فكرة محددة.
الانزياح يُعبر عن الخروج عن الاستخدام الشائع للغة على مختلف المستويات، سواء كانت صوتية أم أسلوبية أو تركيبية. اعتبرت الأسلوبية الانزياح حادثة أسلوبية تُركز عليها خلال التحليل، لكن الخلاف قد ينشأ في المعايير المستخدمة لاكتشاف الانزياح في اللغة.
تعددت وجهات النظر حول معيار كشف الانزياح؛ حيث يُعتبره بعض النقاد مرتبطًا باللغة السائدة أو المعيارية، في حين يعتبره آخرون نتيجة لاعتياد القارئ على أسلوب محدد.
يعبر هذا الإجراء في الأسلوبية عن القصد والوعي داخل النص، مما ينفي وجود الغموض أو العفوية التي تتبناها بعض المدارس الأدبية. يُظهر الاختيار بوضوح عندما يقوم الكاتب بتبديل كلمة أو تركيب ضمن النص وفقًا لما يراه أكثر دقة للتعبير عن الفكرة.
يظهر الاختيار بأنماط متعددة حسب مستويات اللغة؛ على مستوى اللفظ، يتم استبدال لفظ بآخر، وأما في التركيب، يتم تفضيل نمط نحوي على آخر، أما على مستوى الدلالة، فيُفضل الكاتب صورة معينة تعبّر عن فكرته بشكل أكثر ملاءمة.
تأسست البلاغة على نقاش حول ثنائية الشكل والمضمون، حيث ترتكز دراسة الشكل على البنية اللفظية من حيث اختيار الكلمات وتركيب الجُمل، بينما تتعلق دراسة المضمون بربط اللفظ بالمعنى ومدى تعبيره عنه.
لذا، يرى الكثير من النقاد أن الأسلوبية تُعتبر امتدادًا للبلاغة، رغم وجود اختلافات رئيسية في تحليل الخطاب، والتي يمكن تلخيصها كالتالي:
ظهرت العديد من الآراء النقدية حول الأسلوبية وتحليل الخطاب، وفيما يلي أبرز هذه الآراء:
أحدث التعليقات