استراتيجيات التدريس التقليدية وأساليبها

أبرز استراتيجيات التدريس التقليدية

استنادًا إلى تاريخه الطويل، اعتمد العلماء والمفكرون على مجموعة متنوعة من الأساليب التعليمية. ورغم كون العديد من هذه الاستراتيجيات قديمة وغير مرتبطة بالتقنيات الحديثة، فإن لها تأثيرات ملحوظة على الطلاب. وفيما يلي أبرز هذه الاستراتيجيات:

استراتيجية تحليل النص

يمكن تعريف النص بأنه تواصل شفهي يتم توثيقه بالكتابة. وقد عرفت الفيلسوفة جوليا كرستيفيا النص بأنه وسيلة لنقل اللغة تهدف إلى إعادة توزيع الكلام، مما يساهم في توضيح العلاقات المباشرة بين العبارات وفق أنماط معينة. بناءً على ذلك، تعتبر النصوص الجذر الأساسي في العملية التعليمية، حيث استخدم المفكرون تقنية تحليل النصوص كأداة لتعزيز مهارات الفهم وتطوير التفكير النقدي لدى الطلاب.

وقد اتفق العلماء على أن تحليل النص يتطلب دراسة متعمقة للمحتوى، والبحث عن العناصر والمكونات التي تشكل جوهره. وهذه التقنية قابلة للتطبيق في جميع المجالات المعرفية، وقد أظهرت تأثيراً كبيراً خاصة في دراسة العلوم الإنسانية.

المشاركة في الحوار داخل المحاضرات والفصول الدراسية

وصف الباحثون الطرق النشطة للتفاعل مع المحتوى العلمي بمصطلح “التفاعل النشط”. يتطلب هذا الأمر من المتعلم أن يكون على دراية مسبقة بالمحتوى المطلوب، مما يسهل عليه التفاعل والتحدي الفكري لاحقاً.

عند انخراط المتعلم في الموضوع الرئيسي للمحتوى العلمي، من الضروري أن يشارك في النقاشات الجارية بين الطلاب والمعلم. هذا الانخراط يسهل له تمييز الحجج القوية من الضعيفة، مما يدفعه لتأييد آرائه واستنتاج النتائج المدعومة بالبراهين. والجدير بالذكر أن هذه الاستراتيجية ترتبط بجذور تاريخية تعود إلى الحضارة اليونانية، حيث استخدمها العديد من الفلاسفة، بما في ذلك أرسطو.

الاستقصاء واختبار الفرضيات

يشجع المعلمون الطلبة على استخدام هذه الاستراتيجية للبحث والتقصي حول المعلومات الأساسية المتعلقة بالموضوع العلمي. من خلال هذه الطريقة، تتبلور المفاهيم والعلاقات بين الأفكار. ومن المميزات الرئيسية لهذه التقنية هي تعزير قدرة الطالب على اختبار الفرضيات التي قام بصياغتها، مما يساعده في استنتاج الفرضية الصحيحة بعد مقارنة الأدلة.

استراتيجية الإلقاء باستخدام السبورة

تتضمن هذه الاستراتيجية عرض المحتوى الأكاديمي شفوياً وكتابياً على السبورة. من أبرز مميزاتها قدرة الطالب على إشراك حواسه المتعددة في عملية التعلم، مما يزيد من فعاليته. فهو يستطيع القراءة مما يكتبه المعلم على السبورة، بالإضافة إلى الاستماع لما يقال في ذات اللحظة. يجب على المعلم المحافظة على تنظيم هذه الاستراتيجية، كون عدم التناسق بين الكلام المدون والمقروء قد يؤدي إلى تشتت انتباه الطالب.

استراتيجية الإبلاغ عن النقاط الرئيسية

في هذه الاستراتيجية، يقوم المعلم بإعلام الطلبة بالنقاط الأساسية التي ستتم مناقشتها. تبرز أهمية هذه الاستراتيجية في ضرورة التحضير المسبق، مما يعزز قدرة الطالب على التفكير بعمق حول الموضوع الأكاديمي. كما يمكن أن يوزع المعلم نسخاً مطبوعة تتضمن هذه النقاط، مما يسهل فهم الدرس من خلال تقسيم المحتوى إلى عناصر رئيسية.

استراتيجية المناقشة

يمكن تعريف النقاش على أنه عمل يدمج الأفكار الافتراضية دون تقديم الأدلة الداعمة. وعادةً ما يقود هذه النقاشات شخص واحد، غالباً ما يكون المعلم، ويتطلب منه استدراج الأفكار من باقي المتحدثين. تعتمد هذه الاستراتيجية على طرح الأسئلة حول قضية أو مشكلة معينة، وتنقسم المناقشة إلى نوعين:

  • المناقشة التلقينية

تمكن هذه الطريقة المتعلمين من الإجابة بحرية على الأسئلة المطروحة، وتُعتبر فعالة في تعزيز الذاكرة، حيث تساعد الأسئلة التي يطرحها المعلم على استرجاع ما تم تعلمه في الدروس السابقة.

تساهم هذه المناقشات في تنظيم المعرفة لدى الطلبة بناءً على هيكل معين، حيث يبدأ النقاش بأسئلة ترتبط بالأسس التي يعتمد عليها النقاش، وغالباً ما تكون مرتبطة بمعلومات سابقة. ثم ينتقل المعلم بعد ذلك إلى أسئلة ذات مستوى أعلى تمثل المعرفة الجديدة التي يراد تدريسها.

  • المناقشة الاكتشافية الجدلية

يعتبر الفيلسوف اليوناني سقراط الأول في استخدام هذه الاستراتيجية. وقد اتسمت النقاشات التي أجراها مع تلاميذه بأنه لم يكن يطرح الأسئلة دائماً بهدف دعم ما يقولونه، بل أحياناً كان يثير تساؤلات تعارض أفكارهم؛ وذلك بهدف تعزيز معرفتهم وإثارة فضولهم.

Published
Categorized as أساليب التعليم الحديث