أنواع الربا
ربا الفضل
تعريفه
يُعرّف ربا الفضل من حيث اللغة والاصطلاح كما يلي:
- الفَضل في اللغة
الفَضل يعني الزيادة عن الحاجة، وهو مصدر من الفعل فَضَلَ.
- الفَضل في الاصطلاح
هو بيع صنف من الأصناف الربوية بجنسه مع زيادة في أحد البدلين، سواء كان البيع معجلاً أو مؤجلاً، حيث لا تتعلق الزيادة بالتأخير.
حكمه
تجتمع آراء العلماء على حرمة التفاضل عند المبادلة في الأصناف التي ذكرها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كما في قوله: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد).
ويُخرج من الحرمة بشرطين، وهما أن يكون الجنسان متماثلين، مثل: بيع الذهب بالذهب بالتساوي، وأن يتم التقابض والمبادلة فورًا. بينما إذا كان الجنسان مختلفين، كبيع الذهب بالفضة، أو الشعير بالتمر، فيشترط التقابض الفوري فقط، ومن صور ربا الفضل: بيع الذهب القديم بالذهب الجديد مع اختلاف الوزن حتى وإن تم التقابض في المجلس.
ربا النسيئة
تعريفه
وضح العلماء مفهوم النسيئة في اللغة والاصطلاح كما يلي:
- النسيء في اللغة
يعني التأخير في الزمان، كما يقول العرب: “نسأ الله في أجلك”، أي أطال الله في عمرك، والمقصود بالنسيئة هو بيع الشيء مع التأجيل.
- النسيء في الاصطلاح
إنه الزيادة في مدة الدين مقابل زيادة في المال.
حكمه
يتفق العلماء على تحريم ربا النسيئة، ويُظهر التشابه بين ربا اليد، والذي يُعرف عند الشافعية بأنه: البيع مع تأخير قبض العوضين أو أحدهما دون تحديد أجل معين، مما يعني بيع شيئين مختلفين في الجنس، كالقمح بالشعير دون التقابض في مجلس العقد. بينما لا يختلف ربا اليد عن ربا النسيئة عند الحنفية؛ كلاهما يفقد شرط التقابض.
ربا القرض
تعريفه
يُعرف ربا القرض بأنه كل زيادة تُفرض على المقترض من قبل المُقرض، سواء كانت عينية أم منفعة، وسُمّي ربا القرض بهذا الاسم نسبةً إلى سبب الربا، حيث إن القرض هو السبب.
حكمه
يُحكم على ربا القرض بالتحريم بناءً على مجموعة من الأدلة، منها:
- الآيات القرآنية العامة في تحريم الربا، حيث لم يتم استثناء ربا القرض منها، فإذا كان مباحًا لاستُثني من التحريم.
- الأحاديث النبوية الصحيحة التي تحرّم الربا، كما في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لعن رسول الله آكل الربا ومُوكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء).
- اتفاق الفقهاء على تحريم الزيادة على المقترض في القرض.
صوره
هناك صورتان لربا القرض:
- الصورة الأولى: أن يُقرض شخصٌ مالًا لفترة زمنية معينة، وإذا حان وقت السداد وعجز المقترض عن السداد، زاد المُقرض في المدة مقابل الزيادة في المال. تُعتبر هذه الصورة من أسوأ أنواع الربا، لأنها تجمع بين أنواع الربا: الفضل والنسيئة والقرض.
- الصورة الثانية: أن يتفق المُقرض مع المقترض على إعطائه مالاً على أن يُعيده بمبلغ أكبر بعد فترة. وهذه الصورة أيضًا محرمة، لأن كل قرض يُترتب عليه منفعة يُعتبر ربا. أما إذا كانت الزيادة غير مشروطة وغير متفق عليها من البداية، فتعتبر غير محرمة، وتكون من باب حسن قضاء الدين.
حكم الربا
يعرف الربا من الناحيتين اللغوية والشرعية كما يلي:
- الربا في اللغة
يعني الزيادة، فيقال: أربى عليه؛ أي زاد عليه.
- الربا في الاصطلاح الشرعي
هو الزيادة الناتجة عن مبادلة شيئين يجري بينهما الربا.
للمزيد من التفاصيل حول الربا وتعريفه، يُرجى الاطلاع على مقالة: ((ما تعريف الربا)).
حرّم الله -سبحانه وتعالى- الربا، ومن أبرز الأدلة على تحريمه أن الله توعّد آكله بالنار وأعلم من لا يتركه بأنه في حرب معه ومع رسوله، كما عدّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من كبائر الذنوب. ومن أدلة تحريم الربا:
- قال -تعالى-: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله).
- قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، وأكل الربا …)، وأيضًا في حديث جابر -رضي الله عنه-: (لعن رسول الله آكل الربا ومُوكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء)، وفي خطبة حجة الوداع: (وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربا عباس بن عبد المطّلب، فإنه موضوع كله). وهذا الحديث يدل على أمور، منها: ذكر الربا في حديث السبع الموبقات يدل على أن أكل الربا من كبائر الذنوب المهلكات.
- ذكر الرسول في الحديث الشرك والسحر والقتل، مما يدل على شدة تحريم الربا.
- يعاقب الله آكل الربا باللعنة، أي الطرد من رحمته، كما أن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه ملعونون جميعًا، وسواء في الإثم.
- أجمع العلماء على تحريم الربا بشكل عام.
للمزيد من التفاصيل حول حكم الربا، يُرجى الاطلاع على مقالة: ((حكم الربا في الإسلام)).
تأثير الربا على العقود
اختلف العلماء في تأثير الربا على العقود، وفيما يلي بيان خلافهم:
- القول الأول
يذهب جمهور العلماء إلى أن العقد الذي يدخل فيه الربا هو عقد مفسوخ في جميع الأحوال، لأنه عقد محرم، كما أبطله النبي -صلى الله عليه وسلم- ورَدَّه.
- القول الثاني
اعتبر الحنفية أن الربا شرط مفسد للعقد، ويمكن تصحيح العقد بإلغاء شرط الربا وإعادة الزيادة الربوية إن كانت موجودة، وإلا فمثلها إن كانت مستهلكة؛ حفاظًا على حق العبد بردّ ماله وحق الشرع بإنهاء العقد المحرم.
الحكمة من تحريم الربا
حرّم الله -تعالى- الربا لأسباب عديدة، نذكر منها:
- يؤدي الربا إلى توقف العمل؛ لأن الربا هو زيادة المال دون جهد.
- يُشيع الكراهية في المجتمع، ويقضي على مبادئ التكافل والمودة.
- يساهم في تركّز المال في أيدي فئة معينة من الناس.
- يؤدي إلى تقليل تحمّل المشقة في كسب الرزق.
- يساهم في تضخّم ثروات الأغنياء على حساب الآخرين.
- يغلق باب الصدقة والإحسان بين الناس.
- يؤدي إلى الظلم والاحتيال على الناس وأخذ أموالهم بغير حق.
- يؤثر سلبًا على توافر القرض الحسن بين الأفراد.
للمزيد من التفاصيل حول أضرار الربا، يُرجى الاطلاع على مقالة: ((أضرار الربا)).
الأمور التي يحرم بها الربا
أجمع العلماء على تحريم الربا في الأصناف الستة المذكورة في حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد؛ فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد). هذه الأصناف هي: الذهب، والفضة، والبر، والتمر، والشعير، والملح. وقد اختلف العلماء في غيرها من الأصناف حسب اختلافهم في علة الربا، وفيما يلي بيان خلافهم:
- علة الربا في الذهب والفضة:
- الرأي الأول: يرى كلٌ من الحنفية والحنابلة أن العلة في تحريم الربا في الذهب والفضة هي الوزن والجنس، أي أن كل ما يُوزن لا يُباع بجنسه إلا بشرطين: التماثل والتقابض.
- الرأي الثاني: يرى الشافعية والمالكية أن العلة في الربا في الذهب والفضة هي القيمة النقدية.
- علة الربا في الشعير والقمح والملح والتمر:
- الرأي الأول: يعتقد الحنفية والحنابلة أن العلة في هذه الأصناف هي الكيل أو الوزن مع وحدتها.
- الرأي الثاني: يذهب المالكية إلى أن علة ربا الفضل هي الادخار والاقتيات مع اتحاد الصنف، وعلة ربا النسيئة هي الطعم والادخار، دون النظر إلى الاقتيات أو وحدة الصنف.
- الرأي الثالث: يذهب الشافعية إلى أن علة ربا الفضل تكمن في الطعم لطبيعة الأصناف الأربعة مع اتحاد الصنف في كل منها، بينما علة ربا النسيئة تقتصر على الطعم فقط.
حكم البيع والشراء من المرابي
يجوز البيع والشراء من المرابين في السلع التي ليست مرتبطة بالربا؛ لأن معاملات البيع والشراء من المسلم تعتبر قربة وطاعة لله -تعالى-، وتُعتبر دعمًا للبر والتقوى، وحتى إذا كان المشتري أو البائع يتعامل بالربا، فلا يعني ذلك حرمة جميع تعاملاتهما، بل يتحمل إثم الربا من يأخذه. والدليل على ذلك هو قول عائشة -رضي الله عنها-: (اشترى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعامًا من يهودي بنسيئة، ورهنه درعًا له من حديد).
التوبة من الربا
تتحقق التوبة النصوح بالإقلاع عن الذنب بشكل كامل، والشعور بالندم على ما فاته من تقصير وارتكاب للذنوب، والعزم على عدم العودة إليها مرة أخرى. ويشترط لقبول توبة المرابي، بالإضافة إلى شروط التوبة الصادقة، أن يُعيد المال الذي أخذه كزيادة إلى صاحبه دون تأخير إذا كان قادرًا. كما يُذكر قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَطل الغني ظلم)، وإن مرت فترة زمنية ولم يعرف المرابي الشخص الذي أخذ منه الربا، فيجب على آكل الربا أن يبحث عنه، وإن عجز عنه يتصدق بالمال.
الطرق المشروعة للتخلص من الربا
شرع الإسلام طرقًا للتخلص من الربا وفتح أبوابًا لتحقيق مصلحة المسلمين وحفظ كرامتهم وقضاء حوائجهم، ومن هذه الطرق:
- المضاربة: وهي شراكة بين صاحب رأس المال والعامل، حيث يتم توزيع الأرباح بناءً على نسبة متفق عليها، وتكون الخسارة على صاحب المال فقط.
- بيع السلم: وهو بيع شيئًا مؤجلًا بمبلغ عاجل، مثل ما يدفعه المشتري للصنّاع قبل استلام المبيع.
- بيع المؤجل: يُعرف أيضًا بالبيع بالتقسيط أو بمبلغ مؤجل، وقد أُجيز لتيسير مصالح الناس وللتخلص من التعامل بالربا.
- دفع الزكاة للمدينين والفقراء وأبناء السبيل.
- القرض الحسن.
______________________________________________________________________________