تعتبر الفروقات بين الفكر العلماني والفكر الليبرالي من القضايا المهمة التي تستحق المناقشة، حيث يمثل كلاهما مجموعتين من الأفكار التي تؤثر على سلوكيات وعقائد الأفراد

يؤثر الفكر العلماني والليبرالي على مجالات شتى مثل السياسة والاقتصاد وغيرها من مناحي الحياة. سنستعرض في هذا المقال الفروقات الرئيسية بين الفكرين، وأهميتهما ودورهما في تشكيل المجتمعات.

تعريف العلمانية

العلمانية هي مجموعة من الأفكار والمعتقدات التي تدعو إلى فصل الدين عن السياسة ومختلف الجوانب الاجتماعية.

كما تُعرف العلمانية بأنها الفصل بين الدين وشؤون الدولة المدنية.

نشأة العلمانية:

• ظهر الفكر العلماني أولاً في أوروبا، حيث أثر بشكل كبير على جميع جوانب الحياة.
• وانعكست تأثيراته على السياسة والاقتصاد والدين.
• تدريجياً، تطور الفكر العلماني بسبب الحاجة إلى فصل الكنيسة عن الدولة في بلدان أوروبا، مما أدى إلى الاعتماد على القوانين المدنية بدلاً من القوانين الكنسية.
• جاء ذلك بعد تمسك الكنيسة بعقائد قديمة ربطت الدين بآراء غير صحيحة.
• تسبب ذلك في ظهور الصراع بين الكنيسة والعلماء الذين أثبتوا عدم صحة تلك العقائد.
• كانت فرنسا من أوائل الدول التي طبقت الفكر العلماني، تلتها إسبانيا والمكسيك، ثم تركيا.
• انتقل الفكر العلماني لاحقًا إلى الدول العربية، حيث حلت القيم الإنسانية محل القيم الدينية في صُنع القرارات بمختلف المجالات.

الأسس التي تحكم الفكر العلماني:

• ترتكز العلمانية على الفصل التام بين المجتمع والدين، كما تسعى لإيجاد وجهات نظر متوافقة مع العلوم.
• تطبيق النظريات التي ابتكرها الإنسان في جميع المجالات كان من أهم أهداف الفكر العلماني.
• عمل الفكر العلماني على إلغاء أي مشاعر دينية في المجتمع، مما أدى إلى اختفاء الطابع الديني من المؤسسات المجتمعية.
• استعان رواد الفكر العلماني بالعقل والمنطق للتأثير على المجتمع ونشر أفكارهم.
• لم يترك الفكر العلماني قضية إلا وتم تناولها بالدراسة والتحليل.
• استند الفكر العلماني إلى استنتاجات غير مرتبطة بالمراجع الدينية، وهو ما جعل منه نقطة انطلاق لفكر جديد.

التناقضات في الفكر العلماني:

• ترتبط العلمانية ارتباطًا وثيقًا بفترة الاستعمار، حيث انتشرت معها بشكل متزامن.
• وصلت الدول الاستعمارية الأوروبية إلى ثروات جديدة من البلدان المستعمَرة، مما أظهر التناقض بين مبادئ الفكر العلماني وما تم تنفيذه على الأرض.
• تزامنت الحروب العالمية مع انتشار الفكر العلماني، مما ساهم في كشف التناقضات العميقة بين ما كان يُعلن عنه وما يحدث فعليًا.
• أسفر ظهور الفكر العلماني عن بروز أفكار نازية وفاشية وشيوعية حيث زادت الصراعات بين مبادئ العلمانية والواقع.

الفرق بين العلمانية والإلحاد:

• العلمانية تروج لفكرة الاعتماد على التفكير والتحليل لتحديد الحقائق بعيدًا عن الدين.
• تدعو العلمانية إلى انتهاء دور الدين في حياة الأفراد بمجرد مغادرتهم دور العبادة.
• لذلك، فالشخص الذي يتبنى الفكر العلماني لا يعتبر ملحداً بل يسعى لفصل الدين عن مختلف مجالات الحياة.

تعريف الفكر الليبرالي:

• يؤكد الفكر الليبرالي على حرية الأفراد في اختيار معتقداتهم وآرائهم، شرط عدم المساس بحريات الآخرين.
• يدعو الفكر الليبرالي إلى التحرر من القيود التي تفرضها مؤسسات الدولة على الأفراد.
• ووجدنا أن الفكر الليبرالي يسعى لتقليص دور مؤسسات الدولة، من خلال دعوتهم للتحرر الاقتصادي والتجاري.

مراحل تطور الفكر الليبرالي:

• يمكن تقسيم الفكر الليبرالي إلى ثلاث مراحل: بدأت بالحرية المطلقة لجميع الأفراد.
• تمتد المرحلة الأولى لحوالي مائة وخمسين عامًا، حيث كان الفكر عام وشامل.
• تظهر في المرحلة الثانية ملامح من التحفظ والنضج وامتدت لحوالي أربعين عامًا.
• تعتبر المرحلة الثالثة الأكثر نضجًا، حيث زاد التأييد للأفكار الليبرالية وبرزت فكرة التناغم بين مصالح الفرد ومصلحة المجتمع.

قناعات الفكر الليبرالي:

• يؤمن الفكر الليبرالي بعدم وجود صلة بين الماضي والحاضر، وأن الحاضر ينبغي أن يبنى دون الاعتماد على الماضي.
• لا يعترف بضرورة وجود نموذج مثالي في كل المجالات، ويعتبر مثل هذه الأفكار غير صحيحة ويجب تجاوزها.
• يدعو الفكر الليبرالي الأفراد للتخلص من نظرات الأجداد التقليدية.
• يجب على كل شخص تحديد القواعد التي تحكمه، حيث نجد أن آراء الأجداد تُصنف كرجعية.
• يدعو الفكر الليبرالي إلى الفخر بالثقافات الغربية ولا يعترف بالظلم، ويحث على تخلي الفرد عن اللغة العربية.
• لا يعترف الفكر الليبرالي بالتفسيرات التقليدية لنصوص القرآن والسنة ويطالب بالتخلص منها حريةً للأفراد.
• كما ينادي بعدم دمج الدين بالسياسة لتحقيق مزيد من الحرية.

أبرز المفكرين الليبراليين:

• هناك العديد من المفكرين الذين لعبوا دوراً كبيراً في نشر الفكر الليبرالي، ومن أبرزهم جون لوك.
• بدأ النشاط السياسي له في منتصف الثلاثينيات، حيث دعا إلى حرية الأفراد في الاقتصاد والسياسة.
• رأى أن الإنسان بطبعه يسعى للسلام ولا يسعى للحرب.
• ومن المفكرين المهمين في هذا المجال أيضًا آدم سميث الذي اهتم بالسياسة والأخلاق، وخصوصاً مُؤلفاتَه في الاقتصاد والسياسة في إنجلترا.